ألا ترى أنها متى تحصلت بوجه من الوجوه ، ولو بأنها غير متحصلة ، كانت مربوطة إلى العلة حينئذ ؛ لأن الممكن متعلق بالعلة وجودا وعدما ، وواجب الوجود إنما كان غير مجعول ؛ لأنه فوق الجعل ، من فرط التحصل والصمدية ، وكيف يلحق ما هو غير مجعول ؛ لأن الجعل فوقه مما هو غير مجعول ؛ لأنه فوق الجعل.
ومن هنا قيل : إن القول بكون الماهيات غير مجعولة ، من فروع مسألة الماهية المطلقة، وإنها في نفسها غير موجودة ، ولا معدومة.
* وصل
وليعلم أن الجعل إنما يتعلق بالوجود من حيث تعينه وخصوصيته ، لا من حيث ذاته وحقيقته ؛ لما دريت في مباحث الوجود والعدم أن الإمكان إنما يتعلق بالوجود من حيث التعين ، لا من حيث الحقيقة.
فالتحقيق الأتم : أن الماهية كما أنها ليست مجعولة ، بمعنى أن الجاعل لم يجعل الماهية ماهية ، فكذلك الوجود ليس مجعولا ، بمعنى أن الجاعل لم يجعل الوجود وجودا ، بل الوجود وجود أزلا وأبدا ، وموجود أزلا وأبدا ، والماهية ماهية أزلا وأبدا ، وغير موجودة ولا معدومة أزلا وأبدا ، وإنما تأثير الفاعل في خصوصية الوجود ، وتعينه لا غير.
पृष्ठ 164