काल मौत की वापसी: सभी समय का सबसे खतरनाक हत्यारा
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
शैलियों
ثمة بعض بلدات فرنسية نادرا ما هاجمها الطاعون، في حين أن البعض الآخر كثيرا ما قاسى من أوبئة طاعون. في أشنع ضربات الطاعون، عاش جيل بعد جيل في رعب لا ينقطع تقريبا على مدار 100 عام، غير أن نمط حدوث الطاعون تغير بالفعل تدريجيا، فبينما كانت كل من ستراسبورج وباريس هما المدينتان اللتان يضربهما الطاعون بصفة عامة خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر، ذهب هذا الشرف المريب إلى بورج أون بريس، وبحلول القرن السابع عشر كانت لوكسمبورج تسجل أكبر عدد لحالات تفشي الطاعون. ماذا أدى إلى حدوث تغير في تفضيل الطاعون لأماكن بعينها؟
وصل الموت الأسود إلى ستراسبورج عام 1349، لكن خلت المدينة بعدها من المرض حتى عام 1358، ومنذ ذلك الحين فصاعدا أخذ المرض يهاجمها على نحو متكرر على مدار المائة والخمسين عاما التالية. كانت ستراسبورج مدينة عامرة ثرية؛ بفضل أنشطة أبنائها من طبقة التجار وأيضا بحكم موقعها وسط طرق برية ومائية متعددة. كانت هذه العوامل سبب دمارها أيضا؛ حيث إن هذا أدى إلى استقبالها زيارات منتظمة من تجار ومسافرين مصابين.
طرق التجارة الرئيسية في أوروبا في العصور الوسطى. سافر عبر هذه الطرق المسافرون المصابون، وهكذا جلبوا الطاعون إلى مراكز التجارة الرئيسية.
كانت بلدية بورج أون بريس البوابة إلى جنيف وإلى أحد شعاب جبال الألب. وهي تقع على بعد نحو 38 ميلا (60 كيلومترا) من شمال شرق ليون، على الحافة الغربية من جبال جورا بالقرب من أنهار الرون والسين والأين. كما كانت تقع على الطريق التجاري الذي يربط تروا وليون ومارسيليا، وهي كلها مدن كان يزورها الطاعون بانتظام.
أما لوكسمبورج فكانت تقع في موقع استراتيجي على حدود ما يعرف الآن ببلجيكا وفرنسا وألمانيا. وقد كانت يوما ما نقطة مفترق طرق رومانية، وتقع في قلب شبكة طرق تجارة تربط الإمبراطورية الرومانية المقدسة وفرنسا. وقد عانت من 20 وباء هائلا خلال 50 عاما.
يتضح من هذه الأمثلة أن الطاعون كان يتنقل في أنحاء فرنسا كل عام عن طريق مصابين يسافرون عبر طرق التجارة الرئيسية الطويلة، غالبا عن طريق الجياد أو الصنادل البحرية. وما إن يبدأ الطاعون في أحد هذه المراكز التجارية الرئيسية، حتى يتمكن عندئذ من القفز إلى البلدات القريبة عن طريق وسائل النقل المحلية.
بعد الانتشار المستمر الأشبه بموجة للطاعون الأسود في الفترة 1347-1350، تغير نمط توغله تماما، وبات مستقرا في موطنه وقاعدته في فرنسا. ولم يكن ينتشر أبدا في كل مكان وإنما كان يظل كامنا ثم يتفشى كل عام في أماكن قليلة متفرقة وشديدة التباعد لكن مهمة في الوقت نفسه.
بمرور القرون بدا أن الطاعون يزداد شراسة، وفيما شهدت وسائل المواصلات تحسنا مستمرا ونمت التجارة المحلية والعالمية، أصبح الطاعون أكثر انتشارا. ازداد تعداد سكان البلدات والمدن على نحو دائم في العدد والكثافة السكانية؛ مما سهل استيطان ذلك الوباء، وبالتبعية ارتفع أيضا عدد الضحايا المحتملين. (5) العناد المميت للطاعون
عندما خمد الموت الأسود أخيرا، بالقرب من حدوده الشمالية عند دوائر العرض العليا لأوروبا، كان من الممكن أن يختفي إلى الأبد. لو كان فعل هذا، لسرعان ما تعافت أوروبا على الأرجح، ولبات هذا الابتلاء مجرد كابوس مرعب. لكن بطريقة ما وفي مكان ما، ربما في مناخ جنوبي فرنسا الريفية الأكثر دفئا، تشبث الطاعون هناك بشراسة. ولا بد أنه استمر بنسبة منخفضة في عدد محدود من المناطق المنعزلة في القرى، حيث كان كل ضحية ينقل العدوى في المتوسط على الأرجح إلى شخص واحد آخر فقط. لقد كان يتحين الفرص المناسبة، فإذا ما وصل مسافر حامل العدوى إلى مجتمع صغير بلغ التعداد السكاني فيه مستوى مناسبا، كان من الممكن أن يتفشى وباء محدود. كانت هذه فرصة المرض؛ إذ يمكن أن ينتشر على المستوى المحلي، ثم ينطلق المزيد من المسافرين المصابين، وعندئذ كانت هناك دائما إمكانية ظهور أوبئة جديدة، لكنها ما كانت لتعود قط بنفس قوة الموت الأسود الهائل الذي قهر كل شيء اعترض سبيله.
ما الخيوط الخاصة بهذا المرض الغامض التي أمطنا اللثام عنها؟ الواضح وضوح الشمس أن هذه الطواعين، التي استمرت لأكثر من 300 عام بعد الموت الأسود، كانت كلها نوبات تفش لنفس المرض. في الواقع، لم يرحل الموت الأسود قط؛ فقد استمر الطاعون بنفس النمط، وكانت الأعراض المريعة التي تصيب الضحايا هي نفسها بحذافيرها.
अज्ञात पृष्ठ