काल मौत की वापसी: सभी समय का सबसे खतरनाक हत्यारा
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
शैलियों
في إنجلترا، كانت فصول الشتاء باردة أيضا، ولم يكن للعدوى أن تصل إلى هناك إلا عن طريق البحر.
لقد استعنا بكل الأدلة الواردة في الفصول السابقة من أجل الإجابة على السؤال: ما خصائص الفيروس الذي سبب الدمار المترتب على الطواعين؟ إلا أن هذا سيظل أمرا مشوبا بالغموض دائما؛ لأن المرض كما هو واضح لم يعد موجودا، إلا أننا كشفنا بالفعل عن كثير من أسراره. وفي الفصول الثلاثة التالية نتعمق أكثر في الإجابة عن سؤال: من أين جاء الطاعون عندما ظهر في صقلية؟ وكذلك نعقد مقارنة بين الطاعون والأمراض الفيروسية الغامضة الأخرى التي ظهرت فجأة على مدار الثلاثة الآلاف عام الأخيرة.
الفصل السادس عشر
استتار الموت الأسود في مكمنه
ما دام الناس كانوا يعتقدون أن الموت الأسود كان نوبة تفش للطاعون الدبلي، فلا غموض بشأن منشئه إذن؛ فقد افترضوا أنه لا بد أن يكون آتيا من غرب آسيا، بالتأكيد عبر تلك السفن الشهيرة القادمة من القرم كما رأينا في الفصل الأول.
لكن الآن بعد أن صرنا على يقين من أن الموت الأسود كان موجة تفش لمرض فتاك تنتقل عدواه مباشرة من إنسان إلى آخر، فإننا أمام مشكلة جديدة تماما: من أين جاء فعليا هذا المرض المريع؟ لا يمكن أن يظهر مرض فيروسي مكتمل التطور من العدم. إذا كان قد جاء من العالم الغربي المعروف آنذاك، فبكل تأكيد كانت الوفيات المرعبة ستلاحظ وتسجل. (1) منشأ الموت الأسود
دعونا نبدأ بحثنا عن منشأ الموت الأسود بتتبع وصوله إلى جزيرة صقلية. لعلنا نتذكر أن القصة التقليدية تخبرنا كيف أن أطقم البحارة الأصحاء على متن سفن جنوة كانوا قد جلبوا المرض لدى وصولهم إلى مسينة. كان البحارة في البحر لأسابيع عدة وقد رسوا ومعهم شهادة صحية تثبت خلوهم من الأمراض. وعندما نزلوا من متن سفنهم، راح الطاعون يصيب كل شخص يلتقون به على الفور.
تتنافى هذه الرواية تماما مع سلوك أي مرض معد، وإن كان هناك أي شيء من الصحة في هذه القصة، فهو أن السفن لا بد أنها كانت قد وصلت إلى الميناء في مسينة في نفس الوقت الذي كان الوباء في صقلية قد اجتاز بالفعل مرحلته الأولى، وكان على وشك أن يبلغ ذروته. لقد اتحد كل من عنصر الخرافة، والرغبة في العثور على كبش فداء، وغياب المعرفة الطبية، وسرد الروايات المبالغ فيها، معا لتوجيه إصبع الاتهام نحو البحارة الأبرياء. من المؤكد أن الوباء بدأ قبل وصول البحارة بأسابيع في الصيف.
إلا أنه ثمة احتمال كبير أن الموت الأسود قد بدأ في الأساس عن طريق شخص مصاب أو أكثر وصلوا بالمراكب ؛ فأولا وأخيرا فإن مسينة وكاتانيا، وهما ميناءان على الساحل الشرقي لجزيرة صقلية، كانتا نقطتي دخول مهمتين للمراكب التجارية الآتية من شرق البحر المتوسط وساحل شمال أفريقيا.
لكن أين نشأت العدوى؟ ثمة اعتقاد قديم بأن سفن جنوة قدمت من القرم حيث كان أحد أنواع الطاعون منتشرا، فهل بدأ الطاعون النزفي في القرم؟ بحثنا في الأدبيات المكتوبة عن الطاعون في منطقة المتوسط في القرن الرابع عشر، وتوصلنا إلى أنه يوجد مكانان محتملان عام 1347 من الممكن أن يكون الموت الأسود أتى منهما، وهما القرم وبلاد الشام؛ فقد توصلنا إلى الكثير من سجلات أوبئة الطاعون في بلاد الشام الواقعة على الخط الساحلي لشرق المتوسط لما قبل وبعد الموت الأسود. كان المرض قد اجتاح سوريا والعراق فعليا في القرنين الثامن والتاسع، وقد خلصنا إلى أن موجات التفشي ظهرت بشكل متقطع في هذه المنطقة على مدار سنوات كثيرة جدا. على ما يبدو كانت الأراضي المحيطة بمصر وسوريا بؤرة نشطة للطاعون وقادرة على أن تنشر أذنابها لتدمر الحضارات الأوروبية لأكثر من 1000 عام قبل الموت الأسود. إلا أن هذا الاستنتاج الهام يقودنا مباشرة إلى المعضلة التالية: كيف أرسى الطاعون قاعدته في بلاد الشام في المقام الأول؟ لنجيب عن هذا السؤال لا بد أن نرجع إلى الأصول القديمة للإنسان في شرق أفريقيا. (2) إثيوبيا بلد المنشأ
अज्ञात पृष्ठ