काल मौत की वापसी: सभी समय का सबसे खतरनाक हत्यारा
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
शैलियों
إلا أنه ثمة استثناء واحد: كان جراهام تويج أول من أظهر أن مناخ ودرجة حرارة سواحل البحر المتوسط كانتا مناسبتين لتكاثر البراغيث إبان الصيف. فحتما كانت السفن القادمة من بلدان شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا تجلب بانتظام الفئران السوداء المصابة بالطاعون الدبلي إلى موانئ إيطاليا وإسبانيا وجنوب فرنسا إبان عصر الطواعين. هل رست أي من هذه الفئران على الشاطئ وتسببت في وباء سريع وسط الفئران السوداء المحلية والقوارض الأخرى التي لديها قابلية للإصابة؟
عقدنا العزم على فحص سجلات الموانئ المحتملة، واكتشفنا أنه كانت توجد بالفعل أدلة على نوبات تفش صغيرة للطاعون الأسود بمحاذاة سواحل البحر المتوسط.
في إيطاليا أطلقت السلطات الصحية للدول-المدن الشمالية على هذه النوبات للطاعون الدبلي «طواعين صغيرة» لتميزها عن «الطواعين الكبيرة» (التي كانوا يأخذونها بجدية أكثر). كانت الأوبئة تبدأ في الموانئ، وفي بعض الأحيان تنتشر لمسافة محدودة برا، لكنها لم تستمر ولم يصبح المرض مستوطنا قط.
ضربت إحدى عشرة نوبة طاعون دبلي على الأقل ميناء برشلونة على البحر المتوسط في الفترة بين عامي 1370 و1590، إلا أنها أسفرت عن وفيات محدودة للغاية، وكانت تحدث على نحو متقطع. في القرن الخامس عشر كانت برشلونة مدينة عامرة بالتجار والملاحين والباعة والمحترفين، وكان لها تجارة مع جميع بلدان المتوسط، وهكذا كانت تستقبل بانتظام أعدادا كبيرة من الفئران السوداء والبراغيث المصابة. لم تنتشر الأوبئة لمسافة بعيدة برا أو إلى أية مدينة أخرى، والأهم أن الخسائر في الأرواح لم ترتفع إلى نقطة ذروة ثم تهبط بعد ذلك كما رأينا في أي وباء معتاد لمرض معد. على سبيل المثال، شهدت نوبة التفشي التي وقعت في برشلونة عام 1497 وفيات فردية يوميا من شهر يوليو إلى سبتمبر، وهذا على العكس تماما من مسار الأحداث في الطاعون النزفي.
الموقف أكثر تعقيدا مما ظننا في البداية؛ فقد كانت توجد بلا شك أوبئة طاعون دبلي عارضة في موانئ البحر المتوسط أثناء تفشي الطاعون النزفي في أنحاء أوروبا. وحتما كانت قصيرة لأنها كانت تخمد بمجرد نفوق جميع القوارض المحلية. لم تكن لأوبئة الطاعون الدبلي المحلية المتقطعة القصيرة الأمد هذه أهمية، مقارنة بالوفيات المرعبة والمعاناة التي تكبدها الناس جراء الطاعون النزفي، إلا أنها جعلت مؤرخي اليوم يشعرون بالمزيد من الحيرة. (1) طاعون دبلي مؤكد في مارسيليا عام 1720
بعد مرور 50 عاما على اختفاء الطاعون النزفي تماما، عانى ميناء مارسيليا بفرنسا من وباء طاعون كبير جرى توثيقه بعناية. لقد حللنا تسلسل الأحداث تحليلا كاملا ومن دون شك نقول: كان هذا وباء طاعون دبلي حقيقيا. وشتان ما بين نمط وتفاصيل نوبة تفشي الطاعون الدبلي وتلك التي للطاعون النزفي. من ثم كان اقتراح جراهام تويج بأن المناخ والظروف في موانئ البحر المتوسط كانت مناسبة لإيواء «اليرسينية الطاعونية» بلا شك صحيحا.
وحتى بالرغم من أن السلطات الصحية لم تشهد وباء طاعون كبير على مدار 50 عاما، فإنهم أدركوا ما يتحتم عليهم فعله؛ فقد وضعوا التدابير الراسخة القديمة للحجر الصحي الذي مدته 40 يوما و«أطواق الحجر الصحي» موضع التنفيذ. وفي نهاية المطاف أنشئوا أسوارا دائرية لمسافة أميال كثيرة. بالطبع كانت هذه الاحتياطات غير مجدية بالمرة لأنهم كانوا يتعاملون مع مرض لم يعرفوه من قبل. فلا يمكن مكافحة الفئران والبراغيث المصاحبة لها بأطواق صحية، ولا هي تخضع لأي نوع من أنواع الحجر الصحي. كان أهل مارسيليا مقدرا لهم الموت الحتمي؛ فكل ما تعلموه على مدار 300 عام من المعاناة من الطاعون النزفي كان عديم الجدوى أمام هذا العدو الجديد.
بحلول عام 1720 كان الفأر البني قد وصل على الأرجح إلى الميناء وتكاثر بغزارة. في عام 1966 روى ريموند روبرتس في أحد اجتماعات جمعية الطب الملكية أن الصيادين جمعوا في شباكهم 10 آلاف فأر ميت في الميناء وجروا الجثث وألقوها في البحر. يسلط هذا الضوء على معدل النفوق الهائل للفئران عندما تصيبها عدوى بكتيريا «اليرسينية الطاعونية».
في نهاية المطاف، تحرك الطاعون الدبلي نحو الخارج إلى ريف منطقة بروفنس، زاحفا ببطء نحو القرى والضياع وبعض البلدات في المنطقة. (2) الجدل الثائر اليوم «نرى أنه بمقدورنا حسم هذا الجدل: الموت الأسود الذي تفشى في العصور الوسطى كان طاعونا دبليا.» هكذا كتب ديديير راؤول وميشيل درانكورت وزملاؤهما بجامعة البحر المتوسط بمارسيليا في أكتوبر عام 2000. وكانوا قد نقبوا هياكل عظمية عثر عليها في قبور في منطقة بروفنس في السواحل الفرنسية المطلة على البحر المتوسط. وقد زعموا أن هذه الهياكل تخص ضحايا الطاعون الذين ماتوا في الموت الأسود في القرنين السادس عشر والثامن عشر. وقد استخرجوا عينات للحمض النووي من لب الأسنان، وبالاستعانة بأدوات البيولوجيا الجزيئية، زعموا أنهم اكتشفوا وجود اليرسينية الطاعونية.
هذه الأخبار محيرة للوهلة الأولى؛ فهي عكس كل ما أثبتناه. لكن يوجد عدد من الأسباب وراء إمكانية عدم أخذ تأكيدهم غير الناضج والقاطع في الحسبان بثقة. (3) التحقق من القبور المنقبة
अज्ञात पृष्ठ