فعل فيه الحق على مذهب مالك.
فإن قيل: فلم أنكر عليه الصحابة؟ .
قلنا: لأنها مسألة اجتهاد، فمن رأى أن النسب لا يلحق بالوارث الواحد أنكر ذلك وعظمه.
فإن قيل: ولم لعنوه، وكانوا يحتجون بقول النبي ﷺ: «ملعون من انتسب لغير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه»؟ .
قلنا: إنما لعنه من لعنه لوجهين: أحدهما لأنه أثبت نسبه من هذا الطريق، ومن لم ير لعنه لهذا لعنه لغيره. وكان زياد أهلا أن يلعن - عندهم - لما أحدث بعد استلحاق معاوية (١) .
فإن قيل: جعل النبي ﷺ للزنا حرمة، ورتب عليها حكمًا حين قال: «احتجبي منه يا سودة» (٢) وهذا يدل على أن الزنا
(١) وأهم ذلك - عندهم- تسببه في قتل حجر بن عدي، وقد مضى الكلام عليه في ص٢١١-٢١٣.
(٢) في كتاب الأقضية من (موطأ مالك) ب٢١ ص٧٤٠ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني [وليدة زمعة: جاريته.]، فاقبضه إليك. قالت فلما كان عام الفتح أخذه سعد وقال: ابن أخي، قد كان عهد إلي فيه. فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فتساوقا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، قد كان عهد إلي فيه. وقال عبد بن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " هو لك يا عبد بن زمعة ". ثم قال صلي الله عليه وسلم " الولد للفراش، وللعاهر الحجر ". ثم قال لسودة بنت زمعة " احتجبي منه " لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص. قالت: فما رآها حتى لقي الله ﷿. وأخرجه البخاري (ك٣٤ ب٣) ومسلم (ك١٧ ب١٠ ح٣٦) .