أرجوك أن تقف عند هذا الحد، فأنا لا أقدر أن أسمع هذا الحديث البليد، وأنا لا أشك بأن أصحابنا لا يجدون لذة بهذه الثرثرة الخالية من المعنى.
يوسف مسرة :
بحقك دعنا أن نسمع البقية.
بولس الصلبان (ينهض من مكانه قائما) :
الظاهر أنكم تفضلون هذا الحديث البارد على وجودي بينكم - أودعكم
الآنسة هيلانة (تنظر إلى بولس نظرة معنوية) :
اجلس يا بولس، ومهما كان الخبر فنحن معك. (يجلس بولس وعلى وجهه دلائل الصبر والتجلد).
سليم معوض (متابعا حديثه) :
قلت إن بولس المعطر المعظم قد أنشد بيتا، بيتا واحدا من قصيدة الفارض وسكت، أعني أنه أذاق أولئك الجياع المساكين لقمة واحدة من طعام الآلهة، ثم رفس المائدة، وكسر آنيتها وكؤوسها، ثم جلس ساكتا جلوس أبي الهول على رمال النيل.
وقامت السيدات الواحدة بعد الأخرى يستعطفنه بأرق الكلام؛ لينشد أغنية أخرى، فكان يعتذر لهن بقوله: «أنا مرشح ... أشعر بألم في حنجرتي» ثم قام الوجهاء، والأغنياء يرجونه ويتذللون أمامه، فلم يحن ولم يلن، بل بقي جامدا، قاسيا، متمعنا كأن الله قد أبدل قلبه بحجر من الصوان، وحول الأنغام في نفسه إلى الغنج والدلال، وبعد نصف الليل وقد بلغ القنوط من الحاضرين حد الألم ناداه جلال باشا إلى غرفة محاذية، ووضع في جيبه قبضة من الدنانير قائلا: «أنت تستطيع يا بولس أفندي أن تختم حفلتنا بالسرور أو بالأكدار، لذلك أرجوك أن تقبل مني هذه الهدية الصغيرة لا كمكافأة، بل كمظهر لشعوري نحوك فلا تخيب آمالي، وأمال الحاضرين بك».
अज्ञात पृष्ठ