قلت: «لم أر قط جثث الأموات متكردسة حول المنازل».
فقال: «أنت تنظر بعين الوهم فترى الناس يرتعشون أمام عاصفة الحياة؛ فتظنهم أحياء، وهم أموات منذ الولادة، ولكنهم لم يجدوا من يدفنهم، فظلوا متطرحين فوق الثرى، ورائحة النتن تنبعث منهم».
قلت: وقد ذهب عني بعض الوجل «وكيف أميز بين الحي والميت، وكلاهما يرتعش أمام العاصفة؟».
فقال: «إن الميت يرتعش أمام العاصفة أما الحي فيسير معها راكضا ولا يقف إلا بوقوفها».
واتكأ إذ ذاك على ساعده؛ فبانت عضلاته المحبوكة كأصول سنديانة مملوئة بالعزم، والحياة، ثم سألني قائلا: «أمتزوج أنت؟».
قلت: «نعم وزوجتي امرأة حسناء وأنا كلف بها».
فقال: «ما أكثر ذنوبك ومساوئك - إنما الزواج عبودية الإنسان لقوة الاستمرار، فإن شئت أن تتحرر؛ طلق امرأتك وعش خاليا».
قلت: «لي ثلاثة أولاد كبيرهم يلعب بالأكر، وصغيرهم يلوك الكلام ولا يلفظه، فماذا أفعل بهم؟».
فقال: «علمهم حفر القبور، واعط كل واحد رفشا، ثم دعهم وشأنهم».
قلت: «ليس لي طاقة على الوحدة، والانفراد، فقد تعودت لذة العيش بين زوجتي، وصغاري فإن تركتهم تركتني السعادة».
अज्ञात पृष्ठ