============================================================
149 وقال: (رإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفت ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه فليقل انى صائم))(1).
وفى الخبر: ""إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته)) .
والصوفى الذى لا يرجع إلى معلوم، ولا بدرى متى يساق إليه الرزق، فإذا ساق الله تعالى إليه الرزق تناوله بالأدب، وهو دائم لوقته، وهو فى إفطاره أفضل من الذى له معلوم معد، فإن كان مع ذلك يصوم فقد أكمل الفضل.
حكى عن ((رويم)) قال: اجترت فى الهاجرة ببعض سكك بغداد، فعطشت: قتقدمت الى باب دار فاستسقيت فإذا جارية قد خرجت ومعها كوز جديد ملأن من الماء المبرد، فلما أردت أن أتناول من يدها قالت: صوفى ويشرب بالنهار؟! وضريت بالكوز على الأرض، وانصرفت قال رويم: فاستحييت من ذلك، ونذرت إلا أقطر أبدا.
والجماعة الذين كرهوا دوام الصوم كرهوه لمكان أن النفس إذا ألفت الصوم وتعودته اشتد عليه الإفطار، وهكذا بتعودها الإفطار تكره الصوم، فيرون الفضل فى أن لا تركن النفس إلى عادة، ورأوا أن إفطار يوم وصوم يوم أشد على النفس.
ومن أدب الفقراء: أن الواحد إذا كان بين جمع وفى صحبة جماعة لا بصوم إلا يإدنهم، وإتما كان ذلك لأن قلوب الجمع متعلقة بفطوره وهم على غير معلوم؛ فان صام بإذن الجمع وفتح عليهم يشىء لا يلزمهم ادخار للصائم ومع العلم بسأن الجمع المفطرين يحتاجون إلى ذلك، فإن الله تعالى يأتى للصائم برزقه، إلا أن يكون الصائم يحتاج إلى الرفق لضعف حاله، أو ضعف بنيته لشيخوخته، أو غير ذلك وهكذا الصسائم لا يليق أن يأخذ نصيبه فيدخره، لأن ذلك من ضعف الحال. فإن كان ضعيفا يعترف بحاله وضعفه، فبدخره.
والذى ذكرناه لأقوام هم على غير معلوم، فأما الصوفية المقيمون قى رياط علسى معلوم فالأليق بحالهم الصيام، ولا يلزمهم موافقة الجمع فى الإفطار، وهذا يظهر فى جمع منهم لهم معلوم يقدم لهم بالنهار، فأما إذا كانوا على غير معلوم فقد قيل: مساعدة الصوام للمفطرين أحسن من استدعاء الموافقة من المفطرين للصوام.
وأمر القوم مبناه على الصدق، ومن الصدق افتقاد النية وأحوال النفس، فكل ما صحت الثية فيه من الصوم والإفطار والموافقة وترك الموافقة فهو الأفضل.
(1) متفق عليه.
पृष्ठ 148