पुनर्जागरण: एक बहुत छोटा परिचय
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
وكذلك قدمت الهندسة والرياضيات طرقا جديدة لفهم الحركة التي تزداد تعقيدا وغالبا ما تكون غير مرئية للبضائع والأوراق المالية عبر الكرة الأرضية، كما أنهما سهلتا تطورات جديدة في تصميم السفن ومسح الأراضي ورسم الخرائط؛ الأمر الذي تنبأ بتعاملات تجارية أسرع من ذي قبل، والتي لم يتخيلها أحد في ذلك الوقت من حيث السرعة والحجم. وأصبح كتاب ريجيومونتانوس «عن المثلثات» كتابا أساسيا بالنسبة لرسامي الخرائط والملاحين في القرن السادس عشر. فمعالجته المتطورة لعلم المثلثات الكروية دعت رسامي الخرائط لإنشاء كرات أرضية ومساقط خرائطية تأخذ في الاعتبار انحناء سطح الأرض. ونشرت النسخة المطبوعة الأولى في عام 1533 في نورمبرج موطن صناعة نماذج الكرة الأرضية المبكرة، التي ظهرت في أعقاب الإبحار الأول حول الكرة الأرضية في عام 1522.
أتاحت الابتكارات العلمية في الرياضيات والفلك والهندسة الفرصة أمام السفر والتجارة عبر مسافات بعيدة في اتجاه الشرق والغرب، والتي كانت تزداد طموحا، وهو ما خلق في حد ذاته فرصا جديدة وكذلك مشكلات جديدة. فمقابلة بشر ونباتات وحيوانات ومعادن جديدة عبر أرجاء أفريقيا وجنوب شرق آسيا والأمريكتين؛ وسعت مدارك مجالات علم الوظائف وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم المعادن في أوروبا وأعادت تعريفها. وكانت هذه التطورات غالبا ما تتميز ببعد تجاري تحديدا. فتناول كتاب جورجيوس أجريكولا «حول المعادن» - الذي نشر للمرة الأولى في عام 1556 - «استخراج المعادن الخام» و«صهر المعادن»، و«فصل الفضة عن الذهب والرصاص عن الذهب والفضة»، و«صناعة الملح والصودا وحجر الشب والزاج والكبريت والقار والزجاج». وقد أحدث دمج علم الكيمياء وعلم المعادن وملاحظات وتجارب أجريكولا عن تجمعات التعدين في جنوب ألمانيا ثورة في تقنيات التعدين، ولعب دورا أساسيا في الزيادة الهائلة في إنتاج فضة العالم الجديد وتصديرها في النصف الثاني من القرن السادس عشر.
وسرعان ما أدرك التجار والممولون أن الاستثمار في العلم يمكن أن يكون عملا مربحا. ففي عام 1519، كتب الإنساني الألماني أولريخ فون هوتن دراسة عن نبات الجياك؛ وهو عقار سحري جديد مستخرج من نبات في الأمريكتين كان يعتقد أنه يشفي من مرض الزهري. وقد أهدى هوتن كتابه إلى رئيس أساقفة ماينز، وكتب يقول: «أتمنى أن تكون نيافتكم قد أفلتم من مرض الزهري، ولكن في حالة الإصابة به (لا قدر الله، لكن لا أحد يعلم) سيكون من دواعي سروري أن أعالجكم وأشفيكم.» وكان يعتقد (اعتقادا خاطئا) أن مرض الزهري قد بدأ في العالم الجديد وعاد إلى أوروبا مع كولومبس في عام 1493، وأن الأصل الجغرافي للمرض ينبغي أن يوفر العلاج. وأطلقت عائلة فوجر الألمانية التجارية، التي فرضت احتكارا على استيراد العقار، حملة لتأييد الجياك، وفتحت سلسلة من المستشفيات لتوفير العقار حصريا. وعندما ارتفع سعر العقار واتضح عدم فعاليته، نشر الطبيب والخيميائي السويسري باراسيلسوس سلسلة من الهجمات على العقار، رافضا إياه باعتباره خدعة تجارية، ونصح باستخدام الزئبق في العلاج، وإن كان الأكثر ألما.
رفض باراسيلسوس الاعتقاد الكلاسيكي في نظرية الأخلاط؛ التي كانت تؤمن بالاحتفاظ بالتوازن بين سوائل الجسم الأربعة الأساسية: الدم والصفراء والبلغم والسوداء. وبدلا من هذا، تبنى نهجا كيميائيا في الطب، مؤكدا على أن المكونات الأساسية للطبيعة يمكن ملاءمتها مع أمراض معينة؛ الأمر الذي قاده لاستخدام عناصر مثل الحديد والكبريت والزئبق في معالجته لأمراض مثل الزهري. وبالاعتماد على العالم العملي الجديد القائم على التجربة والخطأ، بالإضافة إلى مجال الكيمياء، اصطدم باراسيلسوس بالسلطات المؤسسية والمالية. فقد ردت عائلة فوجر على عمله على مرض الزهري والزئبق باستخدام نفوذها المالي لحظر مطبوعاته، والسخرية من مصداقيته العلمية. وقد تنبأت مثل هذه الصراعات بظهور صناعة الصيدلة الحديثة، وعالم الأدوية التجارية.
العلم القادم من الشرق
حصل علم عصر النهضة أيضا على قوة دافعة إضافية من الانتقال المتزايد للمعرفة بين الشرق والغرب. فقد حفظت الكثير من النصوص اليونانية العلمية الكلاسيكية في الترجمات العربية والفارسية والعبرية، وروجعت في أماكن مثل توليدو في إسبانيا، وأكاديمية العلوم التي تأسست في بغداد في القرن التاسع. وقد لعبت المراكز التعليمية الإسلامية دورا أساسيا في دفع التطورات العلمية القائمة على المعرفة اليونانية والابتكارات العربية قدما، ولا سيما في مجالي الطب والفلك. ففي أربعينيات القرن الثاني عشر، كتب هوجو سانتالا - وهو مترجم لاتيني للنصوص العربية - قائلا: «سيكون من المفيد لنا محاكاة العرب بصفة خاصة؛ لأنهم بالضبط كما كان معلمونا وكما كان الرواد.»
وقد أثرت الدراسات العربية للطب مباشرة على نشر المعرفة في الغرب. فالباحث العربي ابن سينا من القرن العاشر درس الأبحاث الطبية اليونانية لجالينوس وأرسطو أثناء تأليف كتابه الموسوعي «القانون في الطب». وقد عرف الطب بأنه: «العلم الذي نتعلم من خلاله الحالات المختلفة للجسم البشري - عندما يكون صحيحا وعندما يكون سقيما - والذي به نحافظ على الصحة، وبه كذلك نستعيدها بعد السقم.» ترجم كتاب «القانون في الطب» إلى اللاتينية في توليدو في القرن الثاني عشر على يد جيرارد من كريمونا. وطبع من هذه الترجمة أكثر من 30 طبعة في إيطاليا في الفترة ما بين 1500 و1550، في الوقت الذي صار فيه كتاب ابن سينا نصا طبيا أساسيا في الجامعات في جميع أرجاء أوروبا. وفي عام 1527، نشر الطبيب الفينيسي أندريا ألباجو طبعة جديدة من كتاب «القانون في الطب» تستند إلى خبرته كطبيب يعمل لصالح قنصلية فينيسيا في دمشق. وكان ألباجو قد درس كتابات الطبيب السوري ابن النفيس (1213-1288)، الذي أثر بحثه عن حركة الدم في الرئتين على الدراسات الأوروبية عن الدورة الدموية في القرن السادس عشر. كما أدان فيزاليوس الأطباء الأكاديميين الذين كانوا يمضون وقتهم في «نقد غير ذي جدوى لابن سينا وبقية الكتاب العرب». إذ إنه كان شديد الاقتناع بأهمية الطب العربي، حتى إنه بدأ في تعلم اللغة العربية بنفسه، كما كتب شروحا لمدح علوم المداواة والمواد الطبية التي استخدمها الرازي. وفي عام 1531، قام أوتو برونفيلز - الذي يطلق عليه «أبو علم النبات» - بتحرير طبعة من المواد الطبية التي استخدمها ابن سرابيون (سرابيون الأصغر) من القرن التاسع، والتي كان لها تأثير حاسم على فهمه الخاص لعلم النبات.
وفي الفلك والجغرافيا كان للباحثين العرب فائدة استثنائية في ترجمة أهم أعمال عالم الكونيات اليوناني بطليموس. إذ ترجم كتاباه «المجسطي» و«الجغرافيا» من اليونانية إلى العربية، وتعرضا للنقد ثم تمت مراجعتهما في توليدو وبغداد وسمرقند. وبعد سقوط القسطنطينية في عام 1453، أثبت السلطان العثماني محمد الفاتح أنه راع متحمس لبطليموس؛ فكلف الباحث اليوناني جيورجيوس أميروتزس بمراجعة نص بطليموس باللغة العربية. وتعد خريطة العالم التي اكتملت في عام 1465 دمجا لحسابات بطليموس، مع معلومات جغرافية عربية ويونانية ولاتينية أحدث. وكانت خريطة العالم هذه - التي تظهر الجنوب متجها لأعلى الخريطة وتستخدم مقاييس خطوط العرض ومسقطا مخروطيا معقدا - شديدة التطور .
شكل 5-3: كلف محمد الفاتح جيورجيوس أميروتزس بوضع خريطة قائمة على أعمال بطليموس في عام 1465. يوضح هذا كيف تطورت دراسة بطليموس في الشرق والغرب على حد سواء.
3
अज्ञात पृष्ठ