نشوزي عن المضجع الأنفس
والتي ختامها:
فما أنس لا أنس قتلاهم
ولا عاش بعدهم من نسي
بكى واستعبر، فقال له عمه الحسن بن الحسن بن علي: أتبكي على بني أمية وأنت تريد ببني العباس ما تريد؟! فقال: «والله يا عم، لقد كنا نقمنا على بني أمية ما نقمنا، فما بنو العباس إلا أقل خوفا لله منهم، وإن الحجة على بني العباس لأوجب منها عليهم، ولقد كانت للقوم أخلاق ومكارم ليست لأبي جعفر.»
وذكر الأصفهاني أيضا أن محمدا وآله وهبوا للشاعر مالا لمدحته تلك، وهكذا تغيرت نفوس آل البيت من إسراف العباسيين في الفتك والقتل.
1 •••
وماذا كان حظ أبي مسلم؟ وكيف كان جزاؤه على ذلك الإخلاص الدموي؟ كان جزاؤه أن قتل بيد الخليفة نفسه عملا بسنته المعروفة: «اقتل من اتهمته»، مع أنه كان لا يقطع أمرا دونه.
وقد ذكر الجاحظ أن المنصور لما هم بقتل أبي مسلم سقط بين الاستبداد برأيه والمشاورة فيه، فأرق في ذلك ليلته، فلما أصبح دعا بإسحاق بن مسلم العقيلي، فقال له: حدثني حديث الملك الذي أخبرتني عنه بحران، قال: أخبرني أبي عن الحصين بن المنذر أن ملكا من ملوك فارس - يقال له: سابور الأكبر - كان له وزير ناصح قد اقتبس أدبا من آداب الملوك، وشاب ذلك بفهم في الدين، فوجهه سابور داعية إلى خراسان، وكانوا قوما عجما يعظمون الدين جهالة بالدين، ويخلون بالدين استكانة لقوة الدنيا وذلا لجبابرتها، فجمعهم على دعوة من الهوى يكيد به مطالب الدنيا، واعتز بقتل ملوكهم لهم وتخولهم إياهم - وكان يقال: لكل ضعيف صولة، ولكل ذليل دولة - فلما تلاحمت أعضاء الأمور التي لقح استحالت حربا عوانا شالت أسافلها بأعاليها، فانتقل العز إلى أرذلهم، والنباهة إلى أخملهم، فأشربوا له حبا مع خفض من الدنيا افتتح بدعوة من الدين، فلما استوسقت له البلاد بلغ سابور أمرهم وما أحال عليه من طاعتهم، ولم يأمن زوال القلوب وغدرات الوزراء، فاحتال في قطع رجائه عن قلوبهم - وكان يقال:
وما قطع الرجاء بمثل يأس
अज्ञात पृष्ठ