कसाल मुसफ्फा
العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى - الجزء1
शैलियों
ثم قال [تعالى]: إن الأبرار يعني الذين اتبعوا الحجة ولازموا المحجة يشربون إذا نزلوا دار القرار من كأس كان مزاجها كافورا وابتدأ بذكر الكافور لأنه أوفق بحالهم لأنهم حين بعثوا ونشروا ووافوا المحشر حين سيروا، فلم يكن بد من معاينة أحوالهما ومقاساة حرارة الموقف ووبالها، إلى أن صاروا إلى النعيم وظلالها، فوافقت حالهم حال من غلبت عليه الحرارة، لا سيما وقد عاينوا الأهوال، فلم يكن شيء أوفق بهم من شراب يسكن عنهم الغلل ويذهب العلل/ 123/ ألا ترى المحرور إذا بلغ الغاية ووافى النهاية واحتيج في مداواته إلى الكافور كيف يفثأها عنه، وإن كانت الأسماء تتفق دون الخواص؟ ولكنها ذكرت على ما يتقارب في عقول السامعين ولا يتنافر عنه علوم الناظرين.
ولأنه لما تقدم ذكر السعير وهو يدل على غاية الحرارة، فذكر الكافور بعده لتكون مقابلا له، لأنه يدل على غاية البرودة.
ثم قال: عينا يشرب بها عباد الله لأن المرتضى (رضوان الله عليه) يسمى ب «عبد الله» على ما نذكره في الفصل السادس في ذكر أساميه رضي الله عنه، إن شاء الله عز وجل. ثم قال: يفجرونها تفجيرا كما ذكرناه في فصل الفوائد.
ثم وصف العباد بما يكشف عن حالهم ويبين وجه أخلاقهم وخصالهم فقال:
يوفون بالنذر أي هم الذين كانوا يوفون بالنذر إذا نذروا، و يخافون يوما كان شره مستطيرا إذا حشروا، وكانوا يطعمون الطعام على حبه أي على قلبه؟ طلبا لمرضاة الله سبحانه ومحبته مسكينا الذي سكنه الفقر عن الحركة ويتيما استشهد أبوه في سبيل الله وأسيرا أسره حرب الله، فوصف الأبرار بالإحسان إلى العدو والولي، وكذلك الكريم لا يمنع طعامه عن عدوه ولا يكون بالذي يمنه حال الشدة والقلة عن الإنفاق، بل يستوي عنده/ 124/ الحالتان، ولذلك قال: الذين ينفقون في السراء والضراء .
وإذا دعا لهم السائلون وأثنى عليهم القائلون كرهوا ذلك ولم يريدوه وقالوا بقلوبهم إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء يعني مكافاة بأن تخدمونا بأبدانكم ولا شكورا بأن تثنوا علينا بلسانكم، فالذي لوجهه أطعمنا [كم] هو عالم بضمائر صدورنا ولا يخفى عليه عواقب أمورنا، إنا نخاف
पृष्ठ 105