الفرج.
الثاني: أن يكون دخولها بمعنى توكيد الفعل فيكون دخولها وخروجها سواء كما قال عنترة بن شداد العبسي:
شربت بماء الدحرضين فأصبحت
زوراء تنفر عن حياض الديلم
الثالث: أن يكون بمعنى «من» أو «عند» كأنك قلت: يشرب منها أو شرب عندها، وقد يوضع حروف الصفات بعضها موضع بعض.
الرابع: وقد يذهب بالشرب هاهنا إلى الري والتنعم فيكون الباء حينئذ مما يوصل بها الكلام فكأن معناه: يتنعم بها عباد الله أو يروي بها عباد الله.
فإن قيل: ما معنى قوله: يفجرونها تفجيرا ؟
قلنا: معناه يستخرجون ماءها من أي جهة أحبوا أو من أي موضع شاءوا.
وعن عكرمة أنه قال: يسلكونها حيث شاءوا ويفجرونها حيث شاءوا.
وعن مجاهد: تعودونها حيث شاءوا. وعنه أيضا: تقربونها حيث شاءوا.
وعن قتادة: يستفيد ماؤها لهم يفجرونها حيث شاءوا.
فإن قيل: كيف قال: يوفون بالنذر متصلا بقوله: يفجرونها تفجيرا ؟
قلنا: هذا من اختصار الكلام في موضع يدل عليه حكم النظام وتأويله لأنهم كانوا يوفون بالنذر ويخافون ويطعمون فيكون مثل قوله: إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا/ 98/ قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون الآيات: [16- 17 من سورة الذاريات: 51].
ثم [إن] العرب تحذف إذا كان فيما أبقوا دليل على ما ألقوا ودلالة الحال وشواهد المقال ناطقة بهذا أيضا ومشيرة إليه عند الصغير والكبير، وهذا مثل حذفهم القول وما يشتق منه، فالقول والكون متقاربان في هذا الباب، كقوله تعالى: والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم [93/ الأنعام: 6] أي يقولون: «أخرجوا أنفسكم» فحذف للدلالة عليه ومثل هذا كثير.
فإن قيل: ما معنى قوله: مستطيرا ؟
قلنا: معناه المقيد المتسع الفاشي، من قولهم: استطار ضوء الفجر إذا امتد في الأفق واتسع فيه، وكذلك استطار البرق واستطار الصدع في القارورة إذا امتد،
पृष्ठ 86