وروي عن أبي صالح [إنه قال:] حين من الدهر : خمسة آلاف سنة (1).
قلت: يعني التي كان فيها خلق سائر الأشياء دون خلق آدم (عليه السلام)، وهذا إذا ذهب إلى أن «هل» استفهام بمعنى التقرير أي لم يأت عليه حين لم يكن فيه شيئا موجودا لأنه لم يكن أظهر خلقه للمشاهدة والوجود، هذا خطاب على ما يتعارفه المخاطبون بذلك من سائر الآية؟ لأن المعلوم المتعارف أنه لم يظهر خلقه فليس بشيء موجود ولا مذكور؟ حتى يظهر فإذا ذهب إلى أن «هل» بمعنى الجحد أي لم يأت عليه حين إلا وهو مذكور عند الله تعالى فإن الحين في هذا الوجه يقع على كل لحظة بعين.
وروي عن الحسن أنه قال: لما خلق الله تعالى كل شيء في السماوات والأرض قبل أن يخلق آدم، ثم خلق آدم بعد حين.
وكذلك روي عن أبي صالح وزاد: [أنه تعالى] خلق كل شيء قبل آدم بخمسة أيام واليوم [منها] كألف سنة وخلق آدم في اليوم السادس.
وروى عن ابن عباس [أنه قال:] مكث آدم مخلوقا/ 85/ بين مكة والطائف أربعين سنة لا يدري ما اسمه ولا ما يراد به إلا الله عز وجل.
فإن قيل: ما معنى الدهر؟
قلنا: منه ابتداء الخلق إلى انقضائه وفنائه وهو في الأصل من كلام العرب:
«المدة الطويلة» ومدة عمر الإنسان أيضا وكل ذلك يقع عليه اسم الوقت والزمان قال الشاعر:
إن دهرا يلف شملي
لزمان يهم بالإحسان
فإن قيل: كيف قال: لم يكن شيئا مذكورا وقد ذكر في اللوح؟
قلنا: إن حملت الإنسان على آدم (عليه السلام) ففيه وجهان:
أحدهما: [أنه] لم يكن شيئا يذكر في الملائكة الذين خلقوا في الأرض واستخلفوا فيها لأنه لم يخلق ولم يشاهد كسائر ما خلق قبله وشوهد، ومشاهدوا ذلك الملائكة (صلوات الله عليهم) وكذلك الملائكة الذين كانوا في السماء لأنهم
पृष्ठ 76