قال: «نعم شهده وقد أقامه المرزبان وصيا على أهله بعده.»
فابتسمت ابتسام مطلع على أمور سابقة تؤيد ما قاله. فلحظ ضرغام ابتسامتها فقال: «ما بالك تبتسمين؟ هل عرفت شيئا عن هذا الأمر من أحد غيري؟»
قالت: «لا، ولكنني تذكرت أشياء كنت سمعتها من صديقتي أم جهان، رحمها الله، فقد كانت تسر إلي كل ما يهمها. وأنا أيضا كنت أكاشفها بأسراري. وكثيرا ما شكت إلي ثقة زوجها بالأفشين وهي لا تثق به؛ لما تعلمه من جشعه وطمعه، ولكنها لا تجسر على اعتراض المرزبان في أعماله.»
فلما سمع ذكر الجشع والطمع شغل باله لأن الرجل أصبح وصيا على تركة كبيرة ربما تلاعب بأموالها ولكنه كان حسن الظن بالناس لسلامة طويته، فأكبر أن يطمع ذلك القائد العظيم في مال أقيم وصيا عليه فقال: «هل تظنين الأفشين يمد يده إلى شيء من التركة؟»
قالت: «لا أدري، ولكنني ذكرت لك ما كانت تسره إلي تلك المسكينة. وهي التي أسرت إلي ما علمته عن سامان وسبب حرمانه من الإرث.»
فانتبه ضرغام لشيء لحظه من سامان فقال لها: «لا شك أن سامان نفسه كان عالما بنية أبيه؛ ولذلك كان يبذل جهده في منع الوصية؛ فكان كلما بعث به أبوه لاستقدام الموبذ، لم يفعل وانتحل أعذارا غير مقبولة!»
قالت: «وهل كتبت الوصية على يد الموبذ؟»
قال: «نعم، وأنا أرسلت وردان للمجيء به.»
فهزت رأسها وقالت: «أنعم به من موبذ! وهكذا أيضا كانت تلك المسكينة تستثقل ظله وتنفر من رؤيته، فإذا زارهم في عيد هربت من الإيوان حتى لا تلتقي به. وقد أذكرتني وردان، أين هو؟»
قال: «هنا عندنا، وأظنه نام الآن؛ لأنه متعب من السفر. إنه والحق يقال همام غيور كنت كثير الاعتماد عليه في شئوني، وأنا لا أدعوه خادما فهو أولى أن يدعى صديقا؛ لأنه أرقى كثيرا من طبقة الخدم، ولعل له شأنا.»
अज्ञात पृष्ठ