فقالت: «صدقت يا أماه، غدا إن شاء الله.»
وفيما هم في ذلك جاء أحد غلمان القصر يدعو ضرغاما إلى مقابلة الخليفة، فلبس قلنسوته وسواده وخرج، فلما دنا من دار العامة رأى بالباب جماعة من الغلمان الأشروسنية فعلم أن الأفشين هناك، ثم دخل فرأى الخليفة جالسا على سريره في صدر الإيوان والأفشين على كرسي بين يديه، ورأى وردان وحمادا واقفين بجانب القاعة. فسلم، فأشار إليه المعتصم بأن يجلس فتباطأ وقال: «يأذن لي أمير المؤمنين بكلمة قبل أن أجلس؟» قال: «قل.»
قال وهو يشير إلى وردان: «أقدم لأمير المؤمنين البطريق وردان أحد كبار بطارقة أرمينيا، وقد أبلى في جيشنا بلاء حسنا في البذ وعمورية.»
فاستغرب المعتصم والأفشين كلامه وقال الخليفة: «أليس هذا خادمك وردان؟»
قال: «كنت أظنه خادما وأنا لا أعرف أصله، فلما بلوته عرفت فيه الرجل الكريم، وقد كانت له عندي أياد بيضاء عادت بالنفع على جند المسلمين، فإذا أمر أمير المؤمنين بجلوسه فعل وهو صاحب الأمر.»
فقال: «ولكنه في مجلس القضاء وقد دعوتك لتؤدي الشهادة.»
قال: «أفعل ذلك طوعا لأمير المؤمنين.» وجلس وأصغى.
فقال المعتصم: «يقول قائد جندنا الأفشين إن وردان وحمادا اعتديا على رجاله واختطفا منهم امرأتين من سبيه بعد أن كنا قد أرجأنا النظر في ذلك حتى رجوعنا إلى سامرا.»
قال ضرغام: «نعم فعلا يا أمير المؤمنين، وإذا رأى مولاي في هذا ذنبا فأنا صاحبه؛ لأنهما فعلاه لأجلي وعلي تبعته، ومهما يكن من أمر فإن حماد هذا (وأشار إليه) قد شمله عفو أمير المؤمنين وقد جاء سامرا لينال ما وعده به مولانا فلا يؤخذ بجريرة سواه.»
فحك المعتصم جبينه كأنه يسترجع إلى ذهنه شيئا نسيه وقال: «صدقت ، إن حمادا ذو فضل وسابقة وسنوليه ما هو أهل له فيخرج الآن إذا شاء.»
अज्ञात पृष्ठ