عن مجاهد [أنه] قال: كان موضع الكعبة قد خفى ودرس فى زمن الغرق فيما بين نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، قال: فكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول، غير أن الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه، وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض، ويدعو (1) عنده المكروب، فقل من دعا (2) هنالك إلا استجيب له، وكان الناس يحجون إلى موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم (عليه السلام)، لما (3) أراد من عمارة بيته وإظهار دينه وشرايعه (4).
عن محمد بن إسحاق قال: لما أمر إبراهيم خليل الله تعالى أن يبنى البيت الحرام أقبل من أرمينية على البراق معه السكينة لها وجه يتكلم وهى بعد ريح هفافة، ومعه ملك يدله على موضع البيت، حتى انتهى إلى مكة وبها إسماعيل، وهو يومئذ ابن عشرين سنة، وقد توفيت أمه قبل ذلك ودفنت فى موضع الحجر، فقال:
يا إسماعيل، إن الله عز وجل أمرنى أن أبنى له بيتا، فقال له إسماعيل: وأين موضعه؟
قال: فأشار الملك إلى موضع البيت، قال: فقاما يحفران عن القواعد ليس معهما غيرهما فبلغ إبراهيم الأساس- أساس آدم (عليه السلام) الأول- فحفر عن ربض فى البيت فوجد حجارة عظاما ما يطيق الحجر منها ثلاثون رجلا، ثم بنى على أساس آدم الأول وتطوقت السكينة كأنها حية على الأساس الأول، وقالت (5):
يا إبراهيم، ابن على فبنى عليها، فلذلك لا يطوف بالبيت أعرابى نافر ولا جبار إلا رأيت عليه السكينة، فبنى البيت وجعل طوله فى السماء سبعة أذرع وعرضه فى الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن الشامى الذى عند الحجر من وجهه، وجعل عرض ما بين الركن الشامى إلى الركن الغربى الذى فيه الحجر اثنين وعشرين ذراعا وجعل طول ظهرها من الركن الغربى إلى الركن اليمانى
पृष्ठ 22