============================================================
فلما ورد عليه الروح حصل لها اعتدال اتقطعت به عن جنس أرواح الحيوانات حتى صارت قابلة لتجلي الجلال والجمال معا، بحيث أقسم بها خالقها حتى كأنه يقسم بذاته لاشتباه المظهر بالمظهر.
اهتمامه صلى الله عليه وسلم بأمر النفس: وعن أبي هلال - رضي الله عنه ونفع به - أن رسول الله كان إذا قرأهذه الآية: (قد أفلح من زكتها) [الشمس: 9] وقف ثم قال: "اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومؤلاها، وزكها أنت خير من زكاها"(1). فهو مع كمال حاله كان يهتم بأمر النفس لما رأى وقوف الفلاح على تزكيتها، ولم يكن له تزكيتها بنفسه بل بربه بإفاضة التقوى عليه، فمن ثم قال: "اللهم آت نفسي تقواها"، أي ما يقيها من المهلكات والنقائص، ثم قال: أنا ضعيف عن ذلك كالصبي: "أنت وليها" - بل عاجز بالكلية - لأني متصف بالعبودية وأنت مؤلاها، ثم قال بعد اتصافها بالتقوى زكها عنها وعن كل ما سواك بك، أنت خير من زكاها.
ولما كان هذا الروح الحيواني ليس بعلوي كما ذكرنا، كان قوامه بإجراء سنة الله تعالى بالغذاء - أي غالبا -وانما قلنا غالبا لأن الله قادر على تقويته من غير غذاء كما ئفعل ذلك نادرا عند عدم انهضام الأغذية بمرض أو نحو ذلك.
أسباب عدم التضرر بالجوع والسهر: ومن ذلك ما يقع لبعضهم من طي أربعين يوما ونحوها مع عدم تضرره بالجوع وعدم إحساسه به، وذلك لأحد أمرين: إما نور التجلي (1) رواه مسلم في صحيحه (2722) في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.
पृष्ठ 43