कराइस बयान
عرائس البيان في حقائق القرآن
शैलियों
الصلاة والسلام : «القدرية مجوس هذه الأمة» (1)؛ لأنهم قالوا باليزدان والأهرمن (2)، ولم تفهم الكفرة والفرقة الضالة أن من لم يقدر أن يخلق ذاتا فكيف يقدر بأن يخلق صفاتا ، أو لم يفهموا سر القرآن وخطاب الله ؛ فإن الله سبحانه نسب إتيان السيئة إلى غيره لا إلى النفس ، فقال : ( وما أصابك ) والإصابة فعل الغير لا فعل النفس ، وتبين من فحوى خطابه أن السيئة عني بها البلاء الذي هو جزاء معصية النفس ، وإصابة البلاء من الله جزاء لكسب المعصية ، كما قال : ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ) [آل عمران : 120] ، فهذه السيئات هي من الأسباب لا من الاكتساب.
قال الأستاذ : ( ما أصابك من حسنة فمن الله ) فضلا ( وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) كسبا ، وكلاهما من الله سبحانه خلقا.
قوله تعالى : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ظاهر هذه الآية تدل على الوسيلة ، والوسيلة من الله هو الرسول ، أي : من أطاع الرسول فقد أطاع الله بوسيلة الرسول ، وهذا مقام الأمر والعبودية في النبي صلى الله عليه وسلم ، وباطن الآية إشارة إلى عين الجمع ؛ حيث تندرج صفاته تحت صفات القدم ، ويغني خلقه في خلق الأزل ، ويخرج من تحت الفناء بصفة البقاء ، ويكون مرآة الحق تجلى منها للخلق ، فإذا كان كذلك أمره وطاعته مع أمر الله وطاعته واحد لموضع اتصافه واتحاده.
قال جعفر بن محمد : من عرفك بالرسالة والنبوة فقد عرفني بالربوبية والإلهية.
قال أبو عثمان : من صحح الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وألزم نفسه طاعته أوصله الله إلى مقامات الأنبياء والصديقين والشهداء ، قال الله تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ).
قال بعضهم : المتحققون في طاعة الرسول مع الأنبياء ، والمقتصدون مع الشهداء ، والظالمون مع الصالحين.
وقيل : طاعة الرسول طاعة الحق لفنائه عن أوصافه ، وقيامه على أوصاف الحق ، وفنائه عن رسومه ، وبقائه بالحق ظاهرا وباطنا ، فطاعته طاعته ، وذكره ذكره ، وبه يصل العبد إلى الحق ، وبمخالفته ينقطع عنه.
( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
पृष्ठ 263