246

कराइस बयान

عرائس البيان في حقائق القرآن

शैलियों

والنصيحة لجماعة الأمة.

قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) أي : إذا وقع عليكم حكم من أحكام الغيب المتشابه وتظهر في أسراركم معارضات الامتحان فارجعوا إلى خطاب الله ورسوله ؛ فإن فيها بحار علوم الحقائق ، فكل خاطر لا يوافق خطاب الله ورسوله فهو مردود ولا تعتبر به ، وإذا أشكل عليكم خطاب الله ورسوله من علم الإشارة فقيسوه بظاهر الكتاب والسنة ، فإن في الظاهر إعلام الباطن.

قيل : فإن أشكل عليكم شيء من أحوال الكبراء والسادة واختلفتم فيها فاعرضوا ذلك على أحوال الرسول ، وردوه إليه ، فإن لم يتبين لكم فردوه إلى الكتاب المنزل من رب العالمين.

قال النصر آبادي : إن علمنا لا يصلح إلا لمن له علم الكتاب والسنة ، وله معاملة واردة ، ومع ذلك يكون له ظرف ونظافة.

( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا (62) أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا (63) وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65))

قوله تعالى : ( فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ) المصيبة التي أصابتهم هي جزاء إنكارهم على النبي وأصحابه ، ومصيبتهم احتجابهم بأنفسهم عن بلوغهم إلى مقام الولاية والمعرفة ، وأعظم المصائب عند القوم الانقطاع عن الله ، والتحير عن وجدان السبيل إليه.

قيل : أعظم المصائب اشتغالك عن الله ، وأعظم الغنائم اشتغالك بالله.

قال أبو الحسين الوراق : أعظم المصائب سقوط الحرمة من قلبك ، ونزع الحياء من وجهك ، وثقل السنن على جوارحك.

قوله تعالى : ( أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم ) يسلي قلب نبيه عليه السلام بقوله : ( يعلم الله ما في قلوبهم ) أي : لا تهتم ، فأنا أجازيهم بما في صدورهم ، فأحجبهم عن كل مرادهم في الدنيا والآخرة ، فأعرض عنهم أي : اترك صحبتهم وصحبة كل

पृष्ठ 256