मिस्र में बेडौइन अरब
العرب البدو في مصر
शैलियों
نصيبهم في الوظائف النيابية؛ فلم يكن منهم أحد في مجالس المديريات، أو الجمعية العمومية، أو مجلس شورى القوانين. (3)
التجارة والصناعة؛ لأنه لا يشتغل بهما أحد منهم. (4)
المهن الشريفة؛ فليس منهم إلا طبيب واحد، وهو الدكتور محمد أفندي صالح، وهو من قبيلة جهينة، ومحام واحد، هو أخو هذا الطبيب، وكلاهما أتم دروسه سنة 1903، وليس منهم مهندس، ولا مقاول، ولا صاحب جريدة سياسية ولا علمية، ولا غير ذلك. (5)
أمر التعليم؛ فإنه مهمل عندهم كلية، ولا يوجد من أبنائهم في مدارس الحكومة إلا القليل، ولهم في غير مدارس الحكومة مائة تلميذ تقريبا. (6)
جانب عظيم جدا من حظهم في امتلاك الأطيان شغفا بتلك الامتيازات؛ لأن أكثرهم أبى أن يقبل الأطيان التي أعطتها له الحكومة أو أن يستثمرها مخافة أن يتقيد بالإقامة فيصبح يوما ما غير قادر على تركها إذا نكثت الحكومة بعهودها، مع أنهم كانوا أمكن من غيرهم في الانتفاع بخير الزراعة؛ لأن يد الظلم التي كانت متسلطة على الأهالي كانت عاجزة عن الوصول إليهم.
أفلا يكون العرب في مصر أرفع مقاما وأعز شأنا وأنفذ كلمة وأكثر أموالا وأقوى عصبية مما هم عليه الآن إذا أخذوا قسطهم من هذه المزايا الحقيقية، سواء بقيت لهم تلك الامتيازات الوهمية أو زالت عنهم؟ إنه لكذلك. فلعلهم يفقهون. (6) ما هي النقطة المهمة التي أهملتها الحكومة من سياستها في توطين العرب؟
هي التعليم؛ لأنها اقتصرت على كونها أقطعت العرب الأراضي الزراعية، ولم تفكر مطلقا في نشر التعليم بينهم، فلم تدعهم إليه، ولم ترغبهم فيه بأي وسيلة، فاستمرت معارفهم منحطة إلى هذا العهد، ولا يزالون بعيدين عن درجة المعرفة التي تقربهم من الحكومة، وتمكنهم من تمييز النافع من الضار من نظاماتها، فنتج عن إهمال هذا الركن المهم نتيجتان سيئتان: الأولى: تضييعهم لكثير من المزايا التي كان يمكنهم إدراكها لو تعلموا، ولا يخفى ما كانت تستفيده الحكومة من وراء ذلك، والثانية: بقاء مظنة السوء عندهم بالحكومة حتى إنها كلما سنت نظاما له علاقة بهم تطيروا منه، وتخوفوا الضرر ولو كان في الحقيقة خيرا لهم. ولا شك أن هذه الهفوة نتجت عن عدم خبرة الحكومة الماضية بضروب السياسة المبنية على الحقائق العلمية والنواميس العمرانية، أما الحكومة الحاضرة المولودة في مهد العلم، والقائمة على دعائم المدنية، فيرجى منها أن تستدرك ما فات سالفتها. (7) بيان ما يلزم الحكومة الحاضرة عمله الآن استدراكا لما فات الحكومة الماضية
أقرب الوسائل الموصلة إلى هذه الغاية هي التي اتبعتها الحكومة في ترقية معارف الأهالي حتى عرفوا فوائد التعليم، وأصبحوا يتهافتون عليه بعد أن كانوا يفرون منه فرار الصيد من القانص. فيحسن بها أن ترقي - مع مراعاة الكفاءة - بضعة الأشخاص الموظفين فيها من العرب إلى أكبر الوظائف التي يحسنون القيام بها، بحيث تختار لهم في الابتداء الأعمال التي لها علاقة بمصالح العرب، كوظائف الإدارة والكتابة في الأقاليم، وخصوصا التي يكثر فيها هذا الجنس كالبحيرة والشرقية والفيوم، وفي إدارة القرعة بنظارة الحربية، وفي قسم الإدارة بنظارة الداخلية، إلى أن يوجد فيهم اللائقون لوظائف النيابة والقضاء وغيرها. وتحصي تلاميذهم بالمدارس الأميرية وغيرها وهم قليلون الآن، وتترقب تتميم كل منهم للدروس التي تؤهله للخدمة فتستخدمه. وبارتقاء هؤلاء الموظفين إلى المراكز التي تظهر لقومهم فضائل التعليم بأجلى مظاهرها وتمكنهم من بث أفكارهم الإصلاحية فيهم تغري جميع أعيانهم والمتوسطين منهم على تعليم أبنائهم. ولا بد أن تساعد - من جهة أخرى - على تقوية هذا التيار في ابتداء استيلائه على أفكار القوم بتسهيل وسائط التحصيل على الراغبين؛ فإما أن تنشئ لهم مدرستين مخصوصتين؛ في الوجه البحري واحدة وفي الوجه القبلي واحدة، وهذا أمر لا بد منه على ما أرى، ولو تكونا قاصرتين على التعليم الابتدائي، ويكون التعليم فيهما مجانا أو بمصاريف قليلة ما أمكن. ولا محل للاعتراض على الحكومة في هذه الرعاية الخصوصية لفريق من رعاياها دون غيره؛ لأن لديها أكبر عذر لذلك، وهو انحطاط معارف هذا الفريق لدرجة تضر بمصلحة البلاد، وبأن غيره تمتع دونه بنصيبه من تسهيلات الحكومة للتعليم فيما سبق. ولعمري أي وجه يجده المعارض لتأييد معارضته إذا كان هذا الفريق العظيم من الأمة سائدا عليه الجهل بالكيفية التي فصلناها! ومع ذلك فإن خافت الحكومة هذا الاعتراض - على ضعفه - فإنها لا تعدم واسطة لتنشيط من ترى فيه قابلية وعزما للإقدام على هذا الأمر بالوسائط الأدبية وبعض الوسائط المادية. والحكومة بهذه السياسة تخدم نفسها، وتخدم البلاد، وتخدم هؤلاء القوم بإخراج أفكارهم من ظلمات الجهل، وتجذب قلوبهم النافرة إليها، وتزيل الشكوك والريب التي تخامر أفكارهم من جهتها، وتستفيد من الموظفين الذين ترقيهم من أبنائهم معاونتها، بما هم عليه من الخبرة بأخلاق بني جنسهم، في وضع القوانين التي لها علاقة بامتيازاتهم وضعا تألفه أفهامهم، ولا تنفر منه طباعهم، ويكون ضامنا للوصول إلى مقاصدها بالطريقة التي تجنح إليها؛ حيث يوجد في نفسهم حينئذ استعداد لقبولها لما يعرفون أن لهم رجالا يشتركون في وضع تلك القوانين، ويحافظون على مصلحتهم في وضعها، ويستأنسون بذلك فلا يوجد ثمت نفور منها. وإذا حفظ كرسيان من كراسي الأعضاء الدائمين في مجلس الشورى لاثنين من أعيان العرب كان لذلك تأثير حسن جدا؛ إذ يعظم اطمئنان عامتهم بمشاركة أعيانهم للحكومة في أمورهم.
فلو وجهت الحكومة التفاتها لهذه السياسة لفعلت في أخلاق العرب وآدابهم وعوائدهم في عشرة أعوام ما لم تعمله السياسة الماضية في قرن من الزمان. وإني لمعتقد أنه لا يمضي عشرون عاما تهتم الحكومة في خلالها بتعليم العرب إلا ويخفت صوت معارضتهم للنظامات، ويزول نفورهم منها، ويحل محله صوت الدعاء لها، والمطالبة بها.
ومن الضروري أن تستفتح هذه السياسة بتعديل الخطة التي سلكتها معهم في تنفيذ قانون القرعة الجديد بكيفية توصلها لقصدها الحقيقي دون أن تقلق راحتهم، وسنشرحها في محل آخر من هذه المذكرة. (8) ملاحظات على الطرق التي سلكتها الحكومة في وضع وتنفيذ النظامات على العرب
अज्ञात पृष्ठ