मेरा दिमाग और तुम्हारा दिमाग

सलामा मूसा d. 1377 AH
79

मेरा दिमाग और तुम्हारा दिमाग

عقلي وعقلك

शैलियों

والشخصية تتكون بالمجتمع، والإنسان بلا مجتمع حيوان بيولوجي لا يختلف عن الحيوان إلا من حيث الذكاء الفطري، وهذا الذكاء الفطري لا قيمة له ما دام الإنسان منفردا؛ إذ هو يبقى خاما أخضر غشيما حتى يعتمله المجتمع ويقومه ويوجهه، وحتى تنبهه كلمات اللغة وتوجهه.

وفي حياتنا الاجتماعية تمر بنا ظروف تقرر لنا شخصيتنا، حتى كأنها قد صبغت في قالب أو جملة قوالب عينت لها الكم والكيف، وصحيح أنه عندما نقترب من سن العشرين يشرع كل منا في تكوين شخصيته بوجدانه، وقد ينجح في بناء نفسه وتصحيح الأخطاء السابقة وتعيين الأهداف الحسنة التي يتجه إليها، ولكن هذا الوجدان يتوقف على ظروف كثيرة مؤاتية أو معاكسة، ونحن نجمل هذه الظروف فيما يلي: (1)

عند الميلاد يتقرر ذكاؤنا من حيث المقدار، كما يتقرر مزاجنا من حيث الاتجاه، فقد يولد أحدنا ذكيا أو بليدا أو متوسطا، وقد يتقرر له منذ ميلاده عمر طويل أم قصير، وصحته قوية أم ضعيفة، ثم هو يولد بعاهة تحدث له مركب نقص، أو قد يولد سويا، ثم هو قد يولد انبساطيا اجتماعيا أو انطوائيا انعزاليا.

ولكل من هذه الحالات أثر في الشخصية. (2)

ثم هناك التربية التي نحصل عليها في البيت منذ الميلاد؛ فإنه يتوقف شيء كبير من الأخلاق على الرضاع؛ هل هو بمواعيد يتعلم منها الطفل ضبط نفسه، أم هو يجري اعتباطا، فينشأ هو بعد ذلك نزويا عاطفيا لا يضبط نفسه، ثم هو يتأثر تأثرا مختلفا إذا كان قد دلل أو اضطهد أو عومل بالإنصاف، ومركب أوديب (صورة أمه في نفسه) سيؤثر في علاقاته الجنسية المستقبلة، ثم معاملة أبويه أحدهما للآخر، ثم مكانه بين إخوته هل هو الأكبر أم الأصغر؟ وهل عاش مع بنات أو أولاد ، وهل كانت أمه مع أبيه أم مطلقة منفصلة ، ففي كل هذه الحالات تتأثر الشخصية وتنمو في قالب معين. (3)

ومن هذه الظروف التي تقرر شخصيتنا أيضا ظرف المراهقة، حين تلتهب العاطفة الجنسية وتغمر كياننا، فبعضنا يقضي هذه الفترة في يسر؛ يختلط بالفتيات ويجتاز مراهقته وهو سوي سليم، وبعضنا يقضيها في عسر وضنك فيعجز عن التصرف السليم ويقع في العادة السرية ويسرف فيها ويخرج منها مثخنا، وقد يحدث في هذه الفترة شذوذ سيئ. (4)

ثم هناك المدرسة وما تحدث من مزاملة أو مزاحمة، وما يصيب الصبي ثم الشاب من نجاح أو فشل؛ فإن لكل هذا أثره الحسن أو السيئ في الشخصية. (5)

ثم هناك الزواج، وهل كان موفقا قام على الحب والاحترام، أم اتضح أنه غلطة، وأن قصارى ما يرجى منه تسوية، وهل هو بلا أولاد أو بأولاد، وهل الزوجان في خلاف وعربدة أم في وفاق وزمالة؟ فلكل هذا أيضا أثره في الشخصية. (6)

وأخيرا هناك سنتان أو ثلاث سنوات تقع عند المرأة عند الثامنة والأربعين أو حواليها، وعند الرجل في الثامنة والخمسين أو حواليها، ونعني بها الركود أو الضعف الجنسي، وهي الوقت الذي نسميه خطأ بسن اليأس، وفي هذه التسمية أثر سيكلوجي سيئ في المرأة؛ لأن هذه السن هي سن الحكمة وليست سن اليأس، وهذا الانتقال من الشباب إلى الشيخوخة كثيرا ما يؤذي الشخصية، بل أحيانا تكون أخطاره عظيمة - وخاصة عند المرأة.

وكلنا يعرف أمارات الشخصية السيئة في الفتاة الصامتة السمينة التي لا تعرف الرشاقة، بل تعتمد على جمال تمثالي، أو في ذلك الشاب البارد الذي يسكت طويلا وينطق سخيفا، ونعرف ذلك «البارد» الذي نتجنبه ونتوقى لقاءه؛ لأننا نحس جموده كأنه قد صيغ من خشب إذا لطمناه لم يرن.

अज्ञात पृष्ठ