أننا حين نكظم، ونحن على وجدان بالكظم، نحس قلقا وتزعزعا، ولكننا نبصر بالأسباب ونستطيع لذلك العلاج، ولكن إذا كانت العاطفة مجهولة قد اندست إلى الكامنة، فإننا لا نبصر بالأسباب فنحس قلقا وتزعزعا لا ندري أصلهما، ولذلك نحتاج إلى التحليل، وبكلمة أخرى نقول: إن الكظم مع معرفة السبب يسهل التخلص منه، ولكن الكظم مع جهل السبب يصعب التخلص منه.
والثانية:
أن العاطفة المكظومة قد تبقى في نوم أو خدر سنوات، ثم تنتبه بالعدوى، كالأم التي فقدت ابنها، قد تعود إلى ذكراه بعد عشر سنوات؛ لأنها سمعت أن قريبة أو صديقة لها قد فقدت ابنها.
والثالثة:
أن الكوارث مهما فدحت لا تؤثر في النفس كالحوادث اليومية المتكررة الطفيفة؛ ولذلك تستطيع الأم أن تفقد وحيدها وتكظم حزنها وتستبقي عقلها، ولكن الزوجة الشابة تفقد عقلها؛ لأن حماتها توبخها كل يوم وتناكدها في مسائل تافهة، أو لأنها تجد المناكدات الصغيرة من زوجها أو ضرتها.
والرابعة:
أن الكظم إذا خف، صار بخارا محبوسا؛ أي: قوة تدفع قاطرة الشخصية دون أن يؤدي إلى الانفجار، ولكنه إذا اشتد أدى إلى الانفجار، وبكلمة أخرى نقول: إن القليل من السخط يحفز على العمل، والكثير منه يؤدي إلى الإجرام.
العواطف المكظومة تلد العمل الفني
يختلف الأدباء والشعراء والفنانون في أساليبهم وأهدافهم، ونستطيع أن ننتفع بما يؤلفون دون أن نعرف الجهود التي ترجع إليها هذه الأساليب والمناهج.
ولكن المؤلف لا يؤلف في الفن، حيث الميدان يتسع للعواطف والأذواق والاتجاهات والأخلاق، إلا إذا كان قد وجد في حياته ما يحمله على اتخاذ خطة دون أخرى، وهدف دون آخر.
अज्ञात पृष्ठ