وكالجندي في المعركة يحيط به الخوف من كل جانب ونطالبه بالشجاعة.
وفي هذه الحالات الثلاث نجد كظما؛ أي: توترا لا ينفرج؛ أي نجد صراعا بين الوسط وبين الشخص انتهى بعجز الشخص.
وسلامة الشخصية تقاس بالانتصار في الجهات الأربع للحياة: العمل، والاجتماع، والحب، والفراغ، ونعني النجاح فيها كلها، أما إذا اقتصر النجاح على واحدة منها، والأغلب عندئذ أن يكون النجاح عظيما؛ فإن هذا الناجح نيوروزي، كذلك الذي يرصد كل قوته للنجاح فينجح فيه، ثم يفشل في عائلته أو مجتمعه وفراغه.
وانظر إلى خاصة التشعع في النيوروز حين ينتقل من بؤرة محلية فيشمل الحياة كلها:
شاب اعتاد العادة السرية، أو أغواه آخر أن يفسق به فاشمأز؛ فالاشمئزاز هنا يتشعع، وعندئذ يشمئز من البصاق والمخاط والعرق ومصافحة الناس، بل يشمئز من الخبز؛ لأن بائعه يحمله بيده ويلامسه، ثم يشمئز من الطعام الذي طبخته الخادمة؛ لأنها تدخل الكنيف، ثم يشمئز من الماء لأنه يوضع في كوب قد شرب منه غيره، إلخ.
وانظر إلى الطيار قد استولى عليه الخوف وهو طائر، فهو يخاف أزيز موطرها، مع أنه على الأرض الراسخة بين أهله، ثم يفزع من إقفال الباب، ثم يخاف البلكون ويعتقد أنه سيقع به، ويخاف الظلام، ويخاف الفضاء، ويخاف المستقبل.
أو انظر إلى شاب يشك في أمانة خادمه ويخشى سرقة أوراقه أو نقوده من درج المكتب، فهو يعود كي يستوثق أنه أقفله، ثم يتشعع الشك فهو يشك في أمانة زوجته أو إخوانه، ويشك في النيات التي ينطوي عليها رئيسه نحوه ويشك في المستقبل، إلخ.
والنفس البشرية بطبيعتها انبعاثية موطرية لا تقف الموقف السلبي ولا تركد، وما هو أن تجد الحافز حتى تتحرك؛ ولذلك فإن الشك أو الخوف أو الاشمئزاز يبدأ في جزء منها ثم يتفشى في أنحائها.
ومحال على مثل هذا النيوروزي أن يؤدي عمله كما ينبغي، وهو في أغلب الحالات يحيل ويتبرم ويرضى بالخيبة والفشل؛ لأنهما أروح إلى نفسه، وهو يبررهما بالحال التي هو فيها، والنجاح يحتاج إلى جهد ليس في مستطاعه.
انظر إلى نيوروزي آخر: رجل فشل في كل ما يعمل.
अज्ञात पृष्ठ