ركائبه، فالحب ديني وإيماني!
محيي الدين بن العربي
كل ذرة في الوجود تظهر صفة من صفات الله؛ لأن هذه الصفات كانت قد تجلت، ثم حلت في هذه الذرات بمقادير مختلفة، وهي كمرآة عنها تنعكس صفات الله. وأما الإنسان، فهو الذي تظهر فيه تلك الصفات جميعها.
جلال الدين الرومي
عقيدة الألوهة
محاضرة فلسفية تصوفية ألقيت في «ندوة الثقافة» بالإسكندرية مساء الثلاثاء 3 نوفمبر سنة 1936م
سادتى الأفاضل
أشكر لكم تشريفى بالاستماع إلى هذا الحديث الذي أوثر أن يكون في صورة عرض نقدي، وإن كنت أفضل عادة الطريقة الاندماجية في بيان المذاهب الفكرية والفلسفية؛ لأنها أوقع في النفس. غير أنى وقد رأيت هذه الطريقة غير منصفة لمذهبي وتفكيرى؛ نظرا لعدم اعتيادها في مصر - وإن كان مذهبي الديني العلمي معروفا - لم أجد بدا من الركون إلى الطريقة النقدية في هذا الحديث، حتى يسهل تبين ما لي وما لغيري. وإن كنت أخشى أني لا أستطيع خدمة موضوع حديثي في ذاته الخدمة الوافية التي أرمي إليها. •••
إن التعليم الطبي - يا حضرات السادة - يؤدي حتما إلى شيء من الصراع مع الدين. وقد لحظت منذ نشأتي كثيرين من الأطباء تتزعزع عقائدهم الدينية، ثم يتزعزع نهائيا إيمانهم الإلهي. ومنهم من يدعى التوفيق بين العلم والدين، ولكن اختبار دعواهم يظهر عجزهم عن هذا التوفيق؛ وما سبب ذلك إلا ضعف إيمانهم الفطري، وسطحية نظراتهم، وفقدان الشجاعة الكافية لإيجاد هذا التوفيق المنشود، ما دام الدين ظاهرة اجتماعية كائنة فعلا وواجبة التقدير.
وقد كان شأني شأن الجندي الجريء الذي يجد الصفوف قد افتقدت الرائد؛ فيتطوع مندفعا للقيام بهذه المهمة التي ربما لم يكن كفؤا لها، ولكن غيرته الفطرية تزجيه، وشجاعته تسنده. وكنت أجد تشجيعا غير قليل من أستاذى المرحوم السيد محمد رشيد رضا الذي كنت أكاتبه وأكاتب مجلته «المنار» حتى إبان إقامتي في إنجلترا. وكان هذا الإمام الجليل يشجعني دائما وإن خالف آرائي مرات، ولكنه كان يعنى بجوهر سعيي؛ للتوفيق الصحيح بين العلم والدين في شجاعة لا تنافي الرشد والاتزان.
अज्ञात पृष्ठ