विचारकों के आदर्श
عقائد المفكرين
शैलियों
وليس ثمة ما يمنعنا أن نفهم أن العقل الواعي - وإن تطور من صور أبسط في الوظائف الحيوية - يتدرج شيئا فشيئا إلى حال من الاستقلال، ويتمكن من التأثير في البدن بقسط متزايد من الحرية ويصبح كيانا له وحدة تبقى بعد الجسد، وليس في وسعنا أن نقطع بأن نقيض هذا التقدير قد ثبت بأدلة العلم الحديث، ونعني بالنقيض أن العقل يستحيل أن يعيش بعد الجسد.
ثم ربط بين القول بالعقل الباقي وبين العقيدة الدينية فقال:
إن للدين تعريفات شتى، ومن تعريفاته أنه الموقف الذي يتخذه العقل حيال الوجود في شموله، ومن تعريفاته أنه الشعور بالاعتماد التام على الكون، وهذا هو تعريف سكلير ماكر (Schlerr macher) .
غير أنه لا هذا التعريف ولا ذاك ولا كلاهما معا يوفي الدين كل صفاته. فإن الرجل المعطل قد يتخذ له موقف سخرية واحتقار أمام الوجود في شموله أو موقف حيدة وقلة اكتراث. أما الشعور بالاعتماد على الكون فليس كافيا على حدة. فإننا حين نرقب المتدينين الذين يعلمون أنهم متدينون ويرى من أحوالهم أنهم كذلك؛ نبصر على الدوام عنصر العبادة قائما هنالك، نبصر العبادة والإيمان بالقيم والإيمان بقيمة عليا يتصل بها العقل الإنساني ويستجيب لها: قيمة عليا توحي إلى النفس التقديس والعبادة لأنها خير.
فكيف نقرب بين هذا المعبود وبين القيم التي أشرت إليها؟ إن هذه القرابة على ما أرى هي تلك الصلة التي توجد بين المجسمات والمعاني المجردة. إذ كانت معاني الحق والجمال والخير كلها مجردة، وكلها صور من الوجود الصادق، وكلها تمضي معا ولا رجحان لواحدة منها على الأخرى، إذ كلها بمرتبة واحدة. ومن السخف مثلا أن يقال عن آية قيمة إنها جميلة ولكنها مناقضة للخلق الفاضل أو خالية منه، فهذه القيم مستقلة لأنها صفات متعددة لكائن واحد هو الله.
ولا يوصف هذا الاعتقاد بأنه من قبيل الاعتقاد بوحدة الوجود. بل هو اعتقاد بأن الله محيط بكل شيء، ولكن الأشياء درجات، ولكل قيمة درجتها في الكائن المحدود ، وتعلو بعض القيم حتى تعم ولا تتوقف على ذوات الكائنات المحدودة. ومن التجربة والمزاولة يزداد المرء تعمقا في إدراك القيم كلما بلغ القدرة على تحصيلها. فالخير قيمة صحيحة والشر قصور عنه أقل وأنقص، والحق قيمة صحيحة والباطل قصور عنه أقل وأنقص، والجمال قيمة صحيحة والقبح قصور عن الجمال.
وصفوة كلام العالم النفساني بعد ذلك أن تصحيح النفس هو ردها إلى الشعور بهذه القيم والقدرة على تمليها، وأنه ما من نفس تمرض وفيها ثقة بالجمال والحق والخير، وأن الديانة المثلى هي قوام هذه الصحة النفسية، وأن وظائف العقل تترقى وتسمو لتتهيأ لإدراك هذه المعاني، ولا يعقل أن يتهيأ العقل لها كي يعود فينغمس في المادية والجسدية.
ويفرق الدكتور براون بين الفردية والشخصية، أي بين كون الإنسان فردا (Individual)
وكونه شخصا (person)
أو (Personality) . وعنده أن الشخصية هي الفردية وزيادة، وأن الشخصية روحانية أقرب إلى الاتصال بالروحانية العليا، أو إلى ذلك الهيام الصوفي الذي يجمع بينها وبين الروحانية الشاملة، وهذه الصوفية هي التي يعبر عنها السيد المسيح حين يقول: إن من يفقد نفسه من أجلي يجدها. •••
अज्ञात पृष्ठ