وإبناه ومواليه. فأخذ الراية فهزها ، وجعل عمار بن ياسر يحرضه على الحرب ويقرعه بالرمح ويقول : أقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع.
فقال هاشم :
قد أكثرا لومي وما أقلا
أني شريت النفس لن أعتلا
ثم حمل يتقدم ويركز الراية ، فإذا ركزها عاوده عمار بالقول ، فيتقدم أيضا ، فقال عمرو بن العاص : إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملا لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم.
فاقتتلوا قتالا شديدا وعمار ينادي : صبرا ، والله إن الجنة تحت ظلال البيض. وكان بأزاء هاشم وعمار أبو الأعور السلمي ، ولم يزل عمار بهاشم ينخسه وهو يزحف بالراية حتى اشتد القتال وعظم والتقى الزحفان ، واقتتلا قتالا لم يسمع السامعون بمثله وكثرت القتلى في الفريقين جميعا.
ثم إن أهل العراق كشفوا ميمنة أهل الشام ، فطاروا في سواد الليل ، وكشف أهل الشام ميسرة أهل العراق فاختلطوا في سواد الليل ، وتبدلت الرايات بعضها ببعض ، فلما أصبح الناس وجد أهل الشام لواءهم وليس حوله إلا ألف رجل ، فاقتلعوه وركزوه من وراء موضعه الأول وأحاطوا به ، ووجد أهل العراق لواءهم مركوزا وليس حوله إلا ربيعة وعلي (ع) بينها ، وهم محيطون به وهو لا يعلم من هم ويظنهم غيرهم ، فلما أذن مؤذن علي الفجر ، قال (ع):
يا مرحبا بالقائلين عدلا
وبالصلاة مرحبا وأهلا
ثم وقف وصلى الفجر ، فلما انفتل أبصر وجوها ليست بوجوه أصحابه بالأمس وإذا مكانه الذي هو فيه ما بين الميسرة إلى القلب ، فقال : من
पृष्ठ 217