गुप्त एजेंट: एक साधारण कहानी

इब्राहिम सानद अहमद d. 1450 AH
20

गुप्त एजेंट: एक साधारण कहानी

العميل السري: حكاية بسيطة

शैलियों

لم يكن جيدا في المناقشات، ليس بسبب أن إيمانه كان يمكن أن يتزعزع بأي قدر من الحجج، ولكن لأن مجرد سماع صوت آخر كان يربكه إرباكا شديدا، مشتتا أفكاره في الحال؛ هذه الأفكار التي ظلت لسنوات كثيرة في عزلة عقلية أكثر جدبا من صحراء قاحلة، بلا أي صوت لأي أحد يقاوم تلك الأفكار أو يعلق عليها أو يوافق عليها.

لم يقاطعه أحد حينئذ، وأعاد الاعتراف بإيمانه، الذي كان يسيطر عليه سيطرة طاغية وتامة كأنه نعمة أنعم بها عليه؛ إنه سر القدر الذي اكتشف في الجانب المادي من الحياة؛ الحالة الاقتصادية للعالم المسئولة عن الماضي وعن صياغة المستقبل؛ مصدر جميع أحداث التاريخ، وجميع الأفكار، المرشدة للتطور العقلي للبشر والدوافع الحقيقية لعاطفتهم ...

قطعت ضحكة قاسية أطلقها الرفيق أوسيبون الخطبة العصماء لصاحب الإفراج المشروط وتلعثم لسانه، وظهر تردد مذهول في عينيه المهيبتين قليلا. أغمضهما ببطء للحظة، وكأنه يستجمع شتات أفكاره. خيم صمت على المكان؛ ولكن بسبب مصباحي الغاز فوق المنضدة وتوهج موقد المدفأة أصبحت الحرارة في غرفة المعيشة خلف متجر السيد فيرلوك لا تطاق. نهض السيد فيرلوك من فوق الأريكة متململا، وفتح الباب المؤدي إلى المطبخ لإدخال مزيد من الهواء، فظهر ستيفي البريء جالسا في اعتدال تام وهدوء شديد على مائدة من خشب الصنوبر، يرسم دوائر، دوائر، دوائر؛ دوائر لا حصر لها، متحدة المركز؛ وغير متحدة المركز؛ دوامة متداخلة من الدوائر، أوحت كثرة تشابكها في منحنيات، واتحادها في الشكل، والتشويش الذي يحدثه تقاطع الخطوط، عن فوضى كونية، رمزية فن مجنون يسعى إلى المحال. لم يحول الفنان رأسه مطلقا؛ وفي مثابرته التامة في عمله على المهمة كان ظهره يرتعش، وبدت رقبته الرفيعة، الغارقة في تجويف عميق في قاعدة الجمجمة، متهيئة لأن تنكسر.

بعدما أصدر السيد فيرلوك صوت نخير استنكارا للمفاجأة، عاد إلى الأريكة. نهض ألكسندر أوسيبون، الذي بدا طويل القامة في بذلته الزرقاء الرثة من نسيج السيرج تحت السقف المنخفض، ونفض عن نفسه تصلب جمود طويل، ومشى إلى المطبخ (المنخفض بمقدار درجتي سلم) ليلقي نظرة من فوق كتف ستيفي. عاد وقال بنبرة فيها تنبؤ: «جيد جدا. مميز للغاية، نموذجي تماما.»

تساءل السيد فيرلوك بتذمر: «ماذا تقصد بجيد جدا؟» بعدما عاد للاستقرار في ركن الأريكة. فسر الآخر ما يقصده بلا مبالاة وبشيء من التعالي وهو يدير رأسه ناحية المطبخ. «نموذجي لهذا الشكل من الانحطاط، أقصد هذه الرسومات.»

تمتم السيد فيرلوك: «تقول إن هذا الفتى منحل، هل هذا ما تقصده؟»

التفت الرفيق ألكسندر أوسيبون - الملقب بالطبيب؛ إذ كان يدرس الطب ولكنه لم يكمل دراسته؛ وبعد ذلك ظل يتجول ويلقي محاضرات لدى الجمعيات المهتمة بشئون العمال عن الأنماط الاشتراكية في الصحة؛ وكذلك ألف دراسة شهيرة شبه طبية (في شكل كتيب رخيص ولكن الشرطة صادرته على الفور) بعنوان «الرذائل التي تأكل الطبقات المتوسطة»؛ وعمل مفوضا خاصا لدى «اللجنة الحمراء» الغامضة نوعا ما، جنبا إلى جنب مع كارل يوندت وميكايليس لعمل الدعاية الأدبية - إلى هذا المتردد الغامض على سفارتين على الأقل ونظر إليه نظرة استعلاء لا تحتمل لا تنم إلا عن أنه قامة في علم يقدمه لعامة الناس. «هذا ما يمكن أن يطلق عليه علميا. إنه نموذج جيد جدا أيضا، من ذلك الانحطاط. يكفي النظر إلى شحمتي أذنيه. إذا قرأت ما كتبه لومبروزو ...»

استمر السيد فيرلوك - متقلب المزاج والذي كان متمددا شاغلا جزءا كبيرا من الأريكة - في طأطأة رأسه ناظرا إلى أزرار صدريته؛ ولكن وجنتيه توردتا بعض الشيء. مؤخرا، كان أبسط اشتقاق من كلمة علم (مصطلح في حد ذاته ليس مسيئا وليس له معنى محدد) له قدرة غريبة على استحضار صورة ذهنية عدائية تماما للسيد فلاديمير، بشحمه ولحمه، بوضوح شبه خارق. وهذه الظاهرة - التي تستحق بإنصاف أن تصنف ضمن عجائب العلم - استحثت في السيد فيرلوك حالة عاطفية من الرهبة والسخط عادة ما كانت تظهر في صورة سباب عنيف. ولكنه لم يتفوه بكلمة. كان من تكلم هو كارل يوندت، الذي كان عنيدا حتى النفس الأخير. «لومبروزو هذا أحمق.»

قابل الرفيق أوسيبون صدمة هذا التجديف بنظرة مخيفة خالية من التعبير. وتمتم الآخر - بعينيه غير اللامعتين ذواتي الرموش الطويلة أسفل الجبهة الكبيرة البارزة - وهو يمسك طرف لسانه بين شفتيه في كل كلمة وكأنه يمضغها غاضبا: «هل رأيتم من قبل أبله كهذا؟ من وجهة نظره أن المجرم هو السجين. أمر بسيط، أليس كذلك؟ ماذا عن أولئك الذين قمعوه هناك، أجبروه على الدخول إلى هناك؟ بالضبط. أجبروه على الدخول إلى هناك. وما هي الجريمة؟ هل يعلم، هذا الأبله الذي شق طريقه في هذا العالم من الحمقى المتخمين عن طريق النظر إلى آذان وأسنان الكثير من الأشرار البؤساء العديمي الحظ؟ هل الأسنان والآذان هي ما يوسم به المجرم؟ هل هي كذلك حقا؟ وماذا عن القانون الذي يسمه على نحو أفضل، أداة الوسم الجميلة التي اخترعها المتخمون كي يقوا أنفسهم من الجوعى؟ مرات وضع الأداة المتقدة على جلودهم البغيضة؛ أليس كذلك؟ ألا يمكنك أن تشم وتسمع من هنا صوت احتراق جلد الناس السميك وطشيشه؟ هكذا يصنع المجرمون ليكتب عنهم أتباع نظرية لومبروزو كتاباتهم السخيفة.»

ارتعش مقبض عصاه وساقاه انفعالا، بينما ظل جذعه، المغطى بجناحي معطفه الهافلوك، ثابتا على موقف التحدي الذي يتخذه دوما. بدا وكأنه يستنشق الهواء الملوث بقسوة المجتمع، ويجهد أذنه لسماع أصواته البشعة. كان ثمة قوة غير عادية من الإيحاء في هذا الموقف. كان المعلم المخضرم في حروب الديناميت ممثلا عظيما في زمنه، ممثلا على المنصات وفي التجمعات السرية وفي اللقاءات الخاصة. لم يسبق للإرهابي الشهير قط في حياته أن رفع شخصيا ولو حتى إصبعه البنصر في مواجهة الصرح الاجتماعي. لم يكن رجل أفعال؛ لم يكن حتى خطيبا مفوها يكتسح الحشود وسط الضجيج الصاخب وفورة الحماس الكبير. وبنية ماكرة إلى حد كبير، لعب دور محرض خبيث ووقح ذي دوافع خبيثة كامنة في الحسد الأعمى والتكبر الساخط النابع من الجهل، في المعاناة وبؤس الفقر، في جميع الأوهام المتفائلة والنبيلة النابعة من الغضب والشفقة والثورة. كان ظل موهبته الشريرة لا يزال ملتصقا به مثل رائحة مخدر مميت في قارورة سم قديمة، فارغة الآن، وعديمة الجدوى، وجاهزة للتخلص منها فوق كومة قمامة الأشياء التي انقضت مدة صلاحيتها.

अज्ञात पृष्ठ