ثار في وجه نفسه - يا له من أحمق! - وثار ضد المدير - إنه لم يكن عادلا؛ لأنه لم يعطه الفرصة الأخرى، التي لم يشك الآن في أنه كان دائما يعتزم انتهازها، ثم إن أيسلنده، أيسلنده ...
وهزت ليننا رأسها وقالت: «لقد جعلتني وسوف تجعلني عليلة، سأتناول جراما وأعود كما كنت.»
وفي النهاية أغرته أن يبتلع أربعة أقراص من السوما ، وبعد خمس دقائق اختفت الجذور والثمار ،
2
ولم تبق إلا زهرة الحاضرة متوردة متفتحة، ثم بلغهما حارس الباب رسالة من الحارس، فحواها أن حارسا من حراس المنطقة قد وصل بطائرته، وهو بانتظارهما فوق سطح الفندق فصعدا في الحال، وحياهما رجل يجري فيه بعض دم الزنوج، ويرتدي زيا أخضر كزي طبقة «ج»، ثم شرع يتلو برنامج الصباح.
نظرة عاجلة لعشر قرى أو اثنتي عشرة قرية من قرى الزنوج الكبرى، ثم يهبطان للغداء في وادي مالبي في بيت مريج، وفي تلك القرية يحتمل أن يكون المتوحشون محتفلين بعيد الصيف، ويكون ذلك الاحتفال إذن خير مكان يقضيان فيه المساء.
واتخذا مكانهما من الطائرة وانطلقا، وبعد عشر دقائق كانا يعبران الحدود، التي تفصل المدنية من الهمجية في الأودية وفوق التلال، وعبروا الصحراوات الملحية والرملية، وخلال الغابات، وفي أعماق الأخاديد البنفسجية اللون، وفوق القمم والصخور الناتئة والهضاب المستوية، وكأنه الخط المستقيم أو الرمز الهندسي، الذي يدل على قوة الإرادة الإنسانية التي لا تقاوم، وعند سفح السور، هنا وهناك، كانت العظام البيضاء الشبيهة بالفسيفساء، والجثث التي لم تتعفن بعد الملقاة على الأرض التي لفحتها الشمس، تدل على أن الغزلان والعجول والسباع والقنافد والذئاب وذكور الباز الشرهة، قد جذبتها رائحة الجيف، وكأن العدالة الإلهية قد أثارت سخطها، فاقتربت جدا من الأسلاك المهلكة.
قال السائق ذو الزي الأخضر: «إنهم لا يتعلمون أبدا.» وأشار إلى الهياكل الملقاة على الأرض تحت أبصارهم، ثم قال: «ولن يتعلموا!» وضحك كأنه انتصر شخصيا على الحيوانات التي قتلتها الكهرباء.
وضحك برنارد كذلك، وكان قد تناول جرامين من السوما، فتصور أن النكتة طيبة لسبب ما، ضحك ثم غلبه النعاس في الحال، وحلق وهو نائم فوق تاوز وتسك، وفوق ناسب ويكيورس بوجوك، وفوق سيا وكوشيتي، وفوق لاجونا وأكوما وميزا المسحورة، وفوق زولي وكيبولا وأوجو كالينتيه، ثم تيقظ أخيرا فألفى الطائرة واقفة فوق الأرض، وليننا تحمل حقائب الملابس في بيت صغير مربع، والحارس الذي يجري فيه الدم الزنجي، والذي يرتدي زي «ج» الأخضر يتحدث حديثا غير مفهوم مع رجل هندي شاب.
وقال قائد الطائرة حينما كان برنارد خارجا منها: «نحن في مالبي، وهذه هي الاستراحة، وفي عصر هذا اليوم رقص في قرية الزنوج.» وأشار إلى الرجل الهمجي الشاب المكتئب قائلا: «إنه سوف يصحبك إلى هناك.» ثم قال متجهما: «إنه مضحك، وكل ما يفعله الناس من أمثاله يثير الضحك.» ثم نزل في الطائرة وأدار المحركات، وقال: «سأعود غدا» - ثم قال لليننا مؤكدا عليها: «واذكري أنهم في منتهى الألفة، إن هؤلاء الهمج لن يصيبوك بأذى، إن لديهم تجارب كافية عن القنابل الغازية، فهم يدركون أن العبث لا يجوز.» وحرك لوالب الطائرة وهو ما يزال يضحك، وزاد من سرعتها، ثم اختفى.
अज्ञात पृष्ठ