अलेक्ज़ेंडर महान की दुनिया
عالم الإسكندر الأكبر
शैलियों
شكل 7-1: ترميم جدارية الصيد في المدفن الثاني في فيرجينا. بإذن من السيدة أوليمبيا أندرونيكو-كاكوليدو.
كانت اليونان الجار الملاصق الأكثر تقدما في الإنجازات الفكرية بحلول منتصف القرن الرابع، وكان التعامل مع عالم الدول-المدن المتحاربة، فضلا عن إيجاد مكان في ذلك العالم، يتطلب معرفة بالأعراف والتاريخ السابق والقيم، ولا غنى عن تحدث الإغريقية وقراءتها لكل ما سبق. إن أي رجل في مكان فيليب كان سيثمن على الأرجح واقع التعامل مع الإغريق بلغتهم وأساليبهم، وبالإضافة إلى إدراكه هذا على المستوى الشخصي، كان سيدرك حكمة إعداد الوريث المحتمل ليكون لديه الفهم ذاته.
وجد في أرسطو - الذي عاش في بيلا في شبابه عندما كان أبوه يشتغل طبيبا للأرغيين - معلم مؤهل على أعلى مستوى للإسكندر الشاب. والواضح أن أرسطو كان يستطيع التواصل مع الإسكندر والشباب الآخرين الذين تتلمذوا على يديه لأكثر من سنتين، وربما كان هذا التواصل باللسان المقدوني لكن اليقيني أنه كان أيضا باللسان الإغريقي. على الرغم من ضياع متني المؤلفين اللذين يعتقد أن أرسطو وضعهما لأجل الإسكندر، فإن عنوانيهما مكتوبان بالإغريقية، ويقينا كانت محتوياتهما كذلك، وهذان هما: «عن المستعمرات» و«عن الملكية». لم تسجل الموضوعات التي كان يدرسها الشباب، لكن اهتمامات أرسطو الواسعة في العلوم والأدب والخطابة والفلسفة انعكست يقينا في هذا التعليم. يورد وصف آريانوس للإسكندر افتتانه بصور أخرى للفلسفة، ومن ذلك مثلا «الجيمنوسوفيستاي» أو الحكماء العراة في الهند (آريانوس، الكتاب السابع، 1، 4-2، 1). وكان من ضمن خبراء حملة الإسكندر في آسيا مساحون يتمتعون بمعرفة خاصة بعلمي الحيوان والأحياء. وولع الملك بالأدب لا يظهر فحسب من نسخة الإلياذة التي أعدها له أرسطو وحملها معه إلى آسيا، بل يظهر أيضا من المسابقات الأدبية التي كانت فعاليات منتظمة طوال حملته المديدة (آريانوس، الكتاب الثاني، 5، 8، في الأناضول؛ الكتاب السابع، 14، 1، لدى العودة إلى إكباتان). ومع أننا لا نستطيع الوثوق في دقة الخطب التي ينسبها آريانوس إلى الإسكندر، تتجلى قوة منطقه في قدرته على الإقناع لإثارة حماس رجاله للقتال، أو للاستيلاء على حصن حصين، أو عبور نهر مجهول في ظلمات الليل، أو لتحمل مسيرة عبر جبال هندوكوش أو صحراء جيدروسيا.
خلاصة القول أن ابن الملك، سليم البدن والعقل، بدأ يتلقى أنواعا مختلفة من التدريب في سن مبكرة، وكان بعض ذلك التدريب غير مباشر، كالتأقلم مع البيئة المقدونية، ومعايشة الحياة في القصر وفي وسط مدينة بيلا، ومراقبة أبيه وصحابته وكذلك وفود الممالك أو الدول الأخرى. كان معظم التعليم رسميا على أيدي معلمين خصوصيين، والأرجح أنه تضمن نظام اللياقة البدنية ذاته الذي يدرب عليه غلمان الملك. وفي عقده الثاني، أدرج في تدريبه تنفيذ المهام الموكلة إليه من الملك؛ إذ صار الإسكندر وصيا على العرش وعمره 16 سنة، وقاد ميمنة الجيش في خيرونية وعمره 18 سنة.
كانت مراقبة فيليب شيئا مهما لأنه، كما رأينا، أنشأ القاعدة التي سينطلق منها الإسكندر ضد بلاد فارس بعد خلافته أبيه بسنتين فقط. كانت تلك القاعدة عبارة عن مملكة كبيرة تحت حكم ملك قوي واحد، وكانت الأداة التي شكلتها عبارة عن جيش دائم يستند إلى الفلنكس الإغريقي لكنه خضع لإصلاحات في المعدات والتكتيكات والأفراد. طور فيليب جهاز حكم إداريا أو وسعه، شأنه شأن تجنيد الضباط المستقبليين من خلال تدريب أبناء الطبقة الأرستقراطية كغلمان للملك. واجتذبت المكافآت، التي منحت للمنخرطين في السلك العسكري، رجالا لم يقتصروا على مقدونيا بل جاءوا أيضا من مناطق ضمت حديثا إلى المملكة. وعندما امتد نطاق سيطرة فيليب إلى بحر بروبونتيس، شرع يبني أسطولا. كان لدى الإسكندر سنة 334 أسطول من 160 سفينة ثلاثية المجاديف، وغيرها الكثير من السفن التجارية لزوم عبوره إلى الأناضول (آريانوس، الكتاب الأول، 11، 6).
كان فيليب قد اكتسب معرفة وثيقة بجيرانه، وكان بمقدوره أن يقحم نفسه في الهيكل الوطيد الخاص بمن هزمهم هو ورجاله. كان حليفا لبعض هؤلاء الجيران، وبينه وبين العديد من العائلات الحاكمة صهر، ومسئولا في بعض الدول وخصوصا اليونان، كتاجوس التيساليين، وكان الداعي إلى إقامة حلف وزعيمه. كان يلي أدوارا عدة بجانب ملكه مقدونيا، ومع ذلك ظل الفاعل النشيط في جميع جوانب الحكم؛ إذ كانت المجالات العسكري منها والديني والإداري كلها تجتمع في الحاكم الأرغي. وكلما تقدم به العمر وازداد حكمة، أدرك الابن النابه دور أبيه المتعدد الأوجه.
غير أن دور الملك كقائد الجيش هو الأبرز، وأحد مؤشرات ذلك مقدار ما يقضيه الملك من وقت بعيدا عن بيلا على رأس حملة عسكرية. لزم في أحوال كثيرة كما نوهنا تقسيم الجيش للتعامل مع تهديدات في أماكن نائية بعضها عن بعض. في الوقت نفسه كان دور الجيش المقدوني واضحا تماما للعيان في بيلا؛ حيث كان الشباب أبناء العائلات المهمة يتلقون تدريبا ليتبوءوا منزلة نخبوية في الجيش، وكان الصحابة الأكبر سنا يتشاورون مع فيليب بشأن مراكز القيادة المسندة إليهم، وكان العديد من صحابة الملك يعملون حرسا له. كانت تعقد مجالس مع أهم معاوني الملك في بيلا، وفي غيرها من الأماكن، والجيش في حملة، وكان العتاد العسكري يصمم في بيلا، وفيها خططت قوة بحرية مع اتساع المصالح المقدونية عبر شمالي بحر إيجة وفي بحر بروبونتيس والبحر الأسود. كانت السفارات تفد على بيلا بوتيرة متزايدة مع تصاعد انتصارات الجيش.
إذا كان لدى ابن الملك الأرغي آمال في خلافة أبيه، فسيعترف بقاعدة المملكة العسكرية، مناضلا لتحقيق السمات المطلوبة لضمان قوة هذه القاعدة، وسيحتاج إلى إكبار أبيه وإكبار غلمان الملك الذين يدانونه عمرا، والذين كان دعمهم حاسم الأهمية في المناداة بأي ملك جديد، وسيدرك ضرورة أن يبشر بقيادة سليمة لكي ينال رضا الجيش المقدوني بأسره، من مشاة عاديين وصحابة نخبويين على السواء. كان الأمر يتطلب ما هو أكثر من البشرى؛ إذ لا بد من أن يكون الوريث المحتمل قد برهن على قدرته في الميدان. ولي فيليب الملك في المقام الأول لأن ابن أخيه الملك السابق الذي قتل في الحرب ضد الإليريين كان طفلا. إن من شأن الملك اللبيب أن يمنح ابنه أو أبناءه الفرص لكي يظهر قدراتهم في سن مبكرة نسبيا، وكان فيليب لبيبا فمنح الإسكندر الفرص ليبرهن على قدراته.
إذن كانت هناك سمات شخصية معينة لا بد منها، لكن كان ضروريا بالمثل أن يكون المرء أحد أبناء السلالة الأرغية، التي استحوذت على الزعامة منذ أواخر القرن السادس وفقا للمصادر الموثوق فيها، وقبل ذلك بكثير لو كانت الإشارات المقدونية للملوك الأوائل صحيحة على أي حال. وتتضح قوة الحق الأرغي في الحكم من تردد خلفاء الإسكندر في الخروج على هذا التقليد؛ إذ على الرغم من وجود مجموعة من الرجال الأقوياء الذين يتوقون إلى الحكم لدى موت الإسكندر، فإنهم نادوا بابن الإسكندر ورخسانة الذي لم يولد بعد - إذا ما ولد ذكرا - ملكا على البلاد، وأما جمعية الجيش فنادت بفيليب الثالث أريدايوس، ابن فيليب الآخر من زوجته التيسالية فيلينا، ملكا على البلاد. وبما أنه لم يكن يتوقع لابن رخسانة، الإسكندر الرابع، أن يحكم بنفسه قبل سنوات عديدة، وأن فيليب الثالث اعتبر ضعيف العقل والجسد، استقرت القيادة الحقيقية في أيدي الآخرين، لكن لم يتسن بسرعة تجاهل أحقية الأرغيين بالحكم.
كان انتماء المرء إلى السلالة الأرغية يشرف نسبه؛ بما أن هرقل كان الجد الأعلى للأسرة. كان يصعب العثور على جد أنسب منه للأرغيين في ضوء ما اتسم به الملك المقدوني من سمة بطولية، وما ترافق مع حكم مقدونيا من مهام تكاد تكون هرقلية. برهن الإسكندر دوما على هذه الصلة (مثلا: آريانوس، الكتاب الأول، 11، 7-8، في بداية الحملة؛ الكتاب الثاني، 24، 6، في صور؛ الكتاب السادس، 3، 2، في الهند). زد على ذلك أنه لم يكتف بمحاكاة ذلك البطل، لكنه كما سجل آريانوس: «كان يستشعر حسا بالتنافس معه ومع البطل بيرسيوس، الذي كان أيضا من أسلافه» (الكتاب الثالث، 3، 2). أضاف نسبه من جهة أمه جدا آخر مثار فخر، وهو نيوبتوليموس بن آخيل الذي كان أقوى محارب في طروادة. قد نقلل من صدق الإيمان بمثل هذا النسب في زمننا هذا، لكن لو فعلنا فسنجحف كثيرا وجهات نظر المقدونيين القدماء ومثلهم الإغريق.
अज्ञात पृष्ठ