सीरा के हाशिये पर

तहा हुसैन d. 1392 AH
165

सीरा के हाशिये पर

على هامش السيرة

शैलियों

قالت: «فادعني إذا أحسست ألما أو كربا، فلن تجد مثلي صديقا رفيقا.»

وأخذ اصطفاق الجدول يرتفع شيئا، ويرتفع معه حفيف النسيم وحفيف الغصون، وغناء متقطع ضئيل ينبعث من أجواف الطير النائمة، وهذا سهم وردي نحيل ينفذ في جوف الليل قليلا، ولا يكاد يتقدم حتى يتسع شيئا فشيئا، وحتى ينهزم الليل أمامه مضطربا مروعا، وهذه الصورة تحيي الشيخ في صوت ضئيل نحيل يبعد عنه شيئا فشيئا حتى ينقطع. وهذه أصوات ترتفع متجاوبة حول الشيخ تأتيه من بعيد، من هذه القرى الكثيرة المنبثة في الريف. وهذا الشيخ ينظر من حوله فيرى آية النهار المبصرة جادة في محو آية الليل المظلمة، فينهض متثاقلا وقد غسلت هذه الليلة نفسه من أوضار المدينة، واستقبل الحياة كأنه ولد لساعته. وها هو ذا يمضي نحو المدينة هادئا رزينا، وإن نفسه لتتغنى: «أقبلت تسعى رويدا رويدا مثل ما يسعى النسيم العليل!»

الفصل الرابع

حديث عداس

قال عتبة بن ربيعة لأخيه شيبة: «انظر إلى هذا الرجل المقبل على حائطنا

1

ومن ورائه السفهاء والعبيد قد أغروا به وسلطوا عليه، فهم يؤذونه بألسنتهم، وهو يؤذونه بما يحصبونه من الحصى والأحجار؛ ألا تثبته؟»

2

قال شيبة وقد نظر وأطال: «بلى! والله إني لأعرفه كما تعرفه، وإن قلبي ليرق له كما يرق له قلبك، وإن نفسي لتثور غضبا له كما تثور نفسك. ولقد هممت وما زلت أنازع نفسي أن أفزع إلى نصره وجواره وحمايته من حلماء ثقيف وسفهائها، لولا ما بينه وبين قومنا، ولولا أني أعلم أننا إن فعلنا كان لنا مع قومنا أمر عظيم وخطب جليل.» قال عتبة: «وا رحمتاه لابن عمنا من قومنا! ثم وا رحمتاه لقومنا من أنفسهم؛ ما كنت أحسب أن يبلغ الأمر بقريش أن يذل عزيزها ونحن شاهدان، وأن يجترئ حي من أحياء العرب وإن كان ثقيفا، على أن يسوءوا رجلا من قريش وإن كان مستضعفا مهينا، فكيف بابن عبد المطلب وابن أخي حمزة والعباس!»

وكان هذان الرجلان من أشراف قريش، قد ذهبا إلى بستان لهما في الطائف يصلحان من أمره وأمرهما، ويهيئان لتجارتهما، يجمعان ما تنفذه ثقيف من تجار قريش إلى اليمن في رحلتها إلى اليمن، وإلى الشام في رحلتها إلى الشام. وكانا قد أقاما في الطائف أياما، وأقبل في أثناء ذلك النبي

अज्ञात पृष्ठ