सड़क के किनारे किनारे
على هامش الأرصفة
शैलियों
إهداء
بيته
جنازته
جنونه
حريته
سيرته الذاتية
شوفه
ذات يوم بارد
صنم
عريس
अज्ञात पृष्ठ
قلبه
مهنته
ميلاده
ابنته
في ذكرى مرور أعوام كثيرة على مغادرة بوذا لمدينة أسيوط
إهداء
بيته
جنازته
جنونه
حريته
अज्ञात पृष्ठ
سيرته الذاتية
شوفه
ذات يوم بارد
صنم
عريس
قلبه
مهنته
ميلاده
ابنته
في ذكرى مرور أعوام كثيرة على مغادرة بوذا لمدينة أسيوط
अज्ञात पृष्ठ
على هامش الأرصفة
على هامش الأرصفة
تأليف
عبد العزيز بركة ساكن
إهداء
إلى روح الجميلة، النظيفة، النقية، الشفيفة، مريم بت أبو جبرين، أمي.
عبده بركة
بيته
حريق
حاجة لله.
अज्ञात पृष्ठ
قلت لنفسي: تدعي بأنك تفكر بالحل الفردي، بينما كنت وما زلت تبحث عن حل فردي بحجم ذاتيتك لا أكثر.
اليد الحطبية تمتد، الوجه يصعق وجهي، فقر وحل، لكن لكي يحق ولو شيئا من الحق أقول: في طفولتي لم أكن بأحسن منه حالا، صديقي الصغير حمزة ولد الفلاتية، لا أعرف شيئا عن أسرته غير أن والده توفي بالأمس، دائما بالأمس كان يقاسمني بقايا الخبز الذي يحصل عليه بسبله الخاصة، وأقاسمه صيدي من «تسالي» وصمغ زريبة المحاصيل، سعداء كنا في بالوعة فقرنا ويتمنا، لكنا لم نسأل الناس، ولو أنا سرقناهم ما أمكن، فكنا كمن قال عنهم دستويفسكي: «من أولئك الذين خلقهم الخالق ثم نسيهم.»
ربنا يعطينا ويعطيك، ربنا يزوجك، ربنا يطيل عمرك، ربنا يعيدك لبيتك سالما.
قلت لها بجنون متشرد مأزوم: كذبت، كذبت، كذبت!
مكبر الصوت ينثر في فضاءاتي قرآنا كريما، تخالطه جلبة الباعة الجائلين ... توت ... توووت ... آيات المقرئ، سيارات البيجو والفيات تحلق حول دوران النافورة ناشرة أجنحتها الغبارية، أتوبيس هيئة النيل للنقل، شحاذون يسألون حق صمتهم. كنت غريبا في المقهى «غربة الشيطان»، كما يحلو لأمي القول، صامتا كنت، حزينا ومعقدا كمخيلة صوفي، قد أبدو مجنونا لدى بعض العقلاء، وعاقلا لدى كل الشحاذين، زحمة برأسي أيضا، وضوضاء طاحونة من الصخب اليومي المتراكم، أمي عاملة المزارع الموسمية، فقر أختي، يتمي، جموح امرأة جنيهات، امرأة لا أحبها أعطتني كثيرا من عاطفتها وحرام حلمها، امرأة أجحها ناومت منها المستحيل ضوء القمر، وأشباح وأطياف تسللن من ظلها، أما الحياة فلم تعطني شيئا أكثر مما تستحق، وهبتها ما أمكن من العمر، ابتسمت في قبح أحزاني، ضحكت، أنا مفجوع، تراني عندما يطفئ النادل فوانيسه أحمل كتبي أتمعن المجهول جيدا، كأنني أصيح في وجه الرب. «مبيت لله».
قد أبتسم وأنا أماوت هذه الأفكار، مثل بقية الخلق، أبتسم لأنني تعلمت من أمي كليمات قديمات: «بكرة ينسيك دا كله.»
بعنا فأسه بكيلو من السمك الجاف «الكوركي» بسوق الشمس ما بين مستشفى المدينة الذي مات به والبنك الباركليز، بعنا سراويله ما عدا تلك المزيقة التي كان يرتديها أثناء العمل؛ نعله، مقاييسه، بعنا منشاره الجديد - اشتراه قبل وفاته بثلاث سنوات - القدوم، أيضا الفأرة، ما تبقى من أخشاب بالمنزل، أمي احتفظت بمقياس الزاوية الرخيص من أجلي؛ فغدا أكبر وأصبح نجارا ماهرا مثله في كل شيء إلا في شرب العرقي والمبيت خارج المنزل مع نساء فريق الخور أو السرة طليقة عبد الرحيم البوليس ... طبيخ اللوبيا بالسمك الجاف يثير كل غرائز البؤس في نفسي، يثور بركان الغثيان ولا يهدأ، ولأن أمي - اسمها عائشة - تحبنا، ومن خلال مساحات فقرها الصفراء تعطينا ما أمكن؛ فلم أجد بدا من حبها حبا مقدسا لا تحده حدود الأزمنة أو الأمكنة أو العوز.
حبوب الفاصوليا شبه النيئة تتجمع حولها خيوط البامية الجافة وشرائح السمك، كنت وأختي - علوية - نلتقط قطع السمك الصغيرة اللذيذة الطعم متجنبين الفاصوليا، نسمي ذلك «لعبة الضيف». أحب أنا الملوخية المفروكة باللحم الجاف، لا باللوبيا البيضاء. - حاجة لله. - (...) - ربنا يزوجك، ربنا يدخلك الجنة، ربنا ... ربنا ...
لم أحلم في يوم ما حلما مستحيلا، أو بأكثر مما أستحق، أحلامي بسيطة متواضعة ملساء عادية الرائحة والطعم وممكنة المشاوير، لدرجة أن الكثيرين كانوا يسخرون مني إذا عرفوا أن حلمي لا يتعدى مائة دولار أمريكي، شريط تتراسيكلين، فانلة داخلية، وشيئا من النساء قليلا، وربما أحلم أيضا أن تبادلني المرأة التي أحبها حبي، سقفا يؤويني، آخر عدد من مجلة الماغوط - شعر - وآخر عدد من مجلة الناقد اللندنية، رسالة من أي إنسان كان، من أي وطن كان، أتعشى ثم أتمشى حتى الفجر متجولا في شوارع مدينة الله في صحبة صديقة أفكر فيها بجدية حينما نفترق، ثم أدلف إلى سقفي وفي جيبي جنيه واحد وثلاث سيجارات لايت. وربما حلمت - أيضا - بشهادة ما، بيت ما، امرأة، طفلة ... ولكن أبدا ليست سماء أخرى أو طينا أخصب، فقط هجرة إلى أوروبا أتجنس إنسانا، أكتب بلغتهم، أقرأ، أعمل ثلاث ساعات في اليوم، ثم أرسل بالبريد الدولي
D. H. L.
अज्ञात पृष्ठ
مائة دولار لأمي في نهاية كل شهر. - حاجة لله. - (...)
لا، لم تعطني الحياة شيئا، حسنا ابتسمت كعادتي وأنا أسمع البنت التي أحبها تقول في همس شاعري «ممقوت»: أنا أؤمن بالعاطفة، العاطفة المجردة، بالحب، بالحب كقيمة إنسانية سامية، لكن في مسألة الارتباط يجب أن نفكر في المستقبل، الإنسان لا بد أن يخطط للمستقبل بجدية.
هدير محرك عربة الجنود، معاكستهم لفتاة تدعي عدم الاهتمام ليس بمعاكسة الجنود فحسب، بل بكل تفاهات الوجود غير إيقاع كعبها العالي، قرآن مكبر الصوت الكريم ... «خالدين فيها» كلمة ضاعت في صخب الشارع «العظيم»، ودين أمي ما عنديش فكة ... ما على المؤمنين ... هل أنا أوضع من أن أنالها ... هتاف الجنود ... الجنود في كل مكان، أنا لم أطلب أكثر من مواهبي؛ فتاة أحبها، فلتحبني، أما وطني فمنذ أن أنجبتني أمي - عائشة - رسمته على صدري وأطلقتني صوبه كالقذيفة. عندما كبرت تعلمت، عرفت «أنك قد لا تجد وطنا يحتويك، لكنك بلا شك تحتوي أوطانا في ذاتك». - أرجوك. - «ما فيش». - أبي ميت، أمي مريضة، أخي في السجن، وأنا جائعة!
صديقي الصغير مات أبوه بالأمس، دائما بالأمس، سرقنا أرغفة مطعم «الشعب» معا، اقتسمنا شلنا وجدناه بسوق الخضار، وعجورة كادت أن تفسد، ترادفنا على عجلة الأجرة الصغيرة، جلسنا عند باب السينما «الوطنية» نتصيد الأغاني الهندية وفرقعة المسدسات، سعدنا بتفاهات بائعة الفول السوداني والتسالي «فطومة كانت جميلة، خبيثة ولئيمة، ولا تخفي حبها للصبيان»، وبقدر حبي للحياة نقمتها علي.
القطة الحبلى السوداء تمسح بطنها الناعمة بساقي الجافة الملساء، تذكرت القطة السعرانة التي عضت أحد المؤتمرين الكبار، مندوب إحدى الشركات عابرة القومية، بقاعة محترمة، سحبت رجلي وأنا ألصق نظري وتفكيري بالبعيد، ما وراء البعيد، هل ... هل ... لأبي؟! أصحيح ما قاله المعري حين فاض به خريف التشاؤم: أهذا ما جناه علي أبي؟
قافلة من السيارات الأمريكية الألمانية وبيجو فرنسا الشهير، تتقدم المرسيدس المزينة بأجمل ألوان الدنيا، اثنان من الموتوسيكلات، عاصفة من الأبواق: تيت تيت، تت تيت، تيت تيتي، تت تت تيت ... قرآن مكبر الصوت الكريم تداخله زوبعة الطريق، المشاة، الباعة الجائلون، صفارة قطار «الثانية عشرة» ... «حسنة لله يا بيه» ... ابتسامة بائسة متكلفة ... «قق، قق، قق شيشه» عاصفة في ... - عاوزة شلن. - اسمك مين؟ - صباح. - اسم والدك؟ - مات والدي مات، ليست لنا أرض، أمي مريضة، أخي مسجون وأنا جائعة.
أمي كانت تؤمن «بغد»، إذا أمي مستقبلية؛ لذا عندما نفدت سراويل أبي وعدة نجارته، علمتنا كيف نشارك النملة قوتها ونحن نتفحص واجهات البنوك المبهرجة العتيقة غير حاقدين ولا شامتين ... فقط حالمين.
عندما عرفت الفتاة - التي لا أحبها - أنني غريب، بكت كثيرا كعاصفة هوجاء. - أنت لست من هنا؟!
غربتي لم تمنعني من النوم على حجرها، فهي على كل غريبة أيضا؛ لأنها لم تجد نفسها إطلاقا، غريبة بعمق، ثم احتفظت بضفيرة محرمة منها، عندما تساومني الطبيعة بمثل هذه الوخزات اللذيذة أرفضها - لأنني أدعي الكفر بالحل الفردي - أكتئب مثل طفل مخطئ أجل والده عقابه للمساء.
السائلة الصغيرة، جلاليبها المهترئة، وجهها المبرقع، القبيحة قبحا متعمدا كما لو كانت في حفلة تنكرية، المسكينة تحايلا وفعلا، المقززة، تلميذة الرب المزيفة، من يبعدها عني؟
अज्ञात पृष्ठ
غير الرب؟!
صديقي الصغير كان يناومهن تحت الكوبري المظلم خلف نادي التعليم، أو ما بين محطة القطار والورشة عند الجنينة المظلمة المفترشة بالزيت الفاسد والجازولين، «يفترش الكرتون وجوالات الخيش الفارغة»، أما أنا فكنت أفكر فيهن كما يلي:
أختي «علوية» لها جلباب واحد من التيل المورد الرخيص اشتراه أبي لها، حينما أنجز حجرة نوم «أسامة» ابن المليونير «عبد الغني»، ذلك في عيد الأضحى قبل وفاته بعام واحد.
أختي «علوية» لها من العمر ثلاث عشرة سنة، امتلأ صدرها في ثورة أنثوية، استدارت أطرافها، نعم صوتها حتى أصبح مثل صوت خالتي «آمنة».
أختي «علوية» جاعت مثلي، بل أكثر؛ لأن بطنها الصغير كان لا يختزن غير قليل من السمك الجاف والفاصوليا؛ لذا فهي دائمة الشكوى من ألم الجوع.
أختي علوية تعرف تماما أنها تمتلك ما لا أمتلكه، ولو أنها تخاف من نار يوم القيامة ... إلا أنها تحب الحياة، لا تتعجل الذهاب إلى الآخرة، فكيف تقهر جوعها المميت حتما؟!
لم تعطها الحياة شيئا، وكأن لها معنا ثارات الحسين بن علي - رضي الله عنهما.
رماد
أطفأ النادل فوانيسه.
أو غنى بصوت قلق باهت، تثاءب.
अज्ञात पृष्ठ
الناس، كل الناس يمشون نحو بيوتهم في شوارع الله الفسيحة، نحو بيوتهم دائما.
أما الشاعر فيرهن قلمه، أوراقه، كتبه، كله؛ للنادل، ثم بكل هدوء وطمأنينة يموت وكأنه يهمس في وجه الرب: مبيت الله.
1 / 4 / 1992م
جنازته
في ذلك الحين كنت ترغب بشدة في الموت، بعد تردد دام شهرا كاملا، ليالي قضيتها حزينا مؤرقا غارقا في وسواسك، خطاياك وأحزانك، قلت له بصدق تام: اقتلني، دعني أسكر ثم اقتلني.
قال وهو لا يزال يعالج ثقبا بجلبابه القديم بصبر وصمت، ورفع نظره إليك في برود الموتى: سأقتلك.
قالها بشكل عادل خال من أي انفعال، وكأنه اعتاد على قولها آلاف المرات في اليوم، ربما لم يسمعك، يشغله جلبابه المهترئ، قد يكون شارد الذهن في حينها، كررت لدهشتك قولك: أقصد تقتلني، تقتلني.
قال: سأقتلك.
ثم غرق في هدوئه ليحيك جلبابه، لم يسألك لماذا، أو قل يراجعك ولو مجاملا، يا لهذا الرجل الغريب! لا بد أنه ينتظر منك ذلك، وماذا يمنع؟ إنه يضمر لك حقدا وكراهية، قد يتآمر على قتلك، من أدراك؟ لكن لماذا يريد قتلك؟
عندما عدنا من المعهد على الباص العام، فقط رأيته لأول مرة، كأنه كان مختبئا في قمقم وأطل فجأة، بدوي كث الشعر، عيناه ذكيتان ضيقتان ثاقبتا النظر، هادئ، لا تنس أنه هو الذي بادأك الكلام، فكرة البحث عن «قطية» للسكن بالمدينة، لم تشك في نواياه في تلك اللحظة، كان يحب أن ينام ملاصقا لسياج «القطية»؛ ليخطط بقلمه على شعاب الطلح البيضاء بعد أن يتخلص من قشورها الخشنة. للطلح رائحة زكية، لديه خوف فطري من القطط.
अज्ञात पृष्ठ
هل كنت تقرأ ما يكتبه؟ قد تجد مفتاحا لأسراره وخبائثه، عندما طلبت منه أن يبادلك مضجعه ارتبك، رفض بشدة، حينما لاحظ تحايلك لقراءة ما خطه على سيقان الطلح أخذ يمحو كتابته، رغم ذلك استطعت أن تقرأ كلمة هامة: «الموت»، اسم زينب يتكرر باستمرار - زينب الخائنة - لاحظت أن ضوء المصباح الزيتي بدأ يتضاءل ويبهت، لم تشك في أنه وراء ذلك، لم تستطع أن تفسر انهماكه في الأيام الأخيرة في قراءة الروايات البوليسية، لم تلاحظ أنه أخذ يفتعل الخصام معك، كم أنت مسكين! بينما يتآمر أحدهم على قتلك، لكن ألم تختر الموت بكامل حريتك ووعيك؟ لكن لماذا لم يتأكد من رغبتك في ذلك؟ ربما كنت أهزل، ثملا، أو جننت، أو ... لم تستيقظ من نومك إلا عندما اكتشفت زجاجة الخمر المخبأة تحت السرير، عرفت في حينها سر شراء سكين المطبخ الجديدة والجوال، كل شيء حتى نظراته المريبة، كنت متيقنا أنه لا يسكر إطلاقا، فها هو ينصب لك الشراك في صمت، صبر وخبث.
ينام في هدوء، لكن في هذه الليلة كان يهذي كالمجنون - بزينب - خائنة يقول عنها. في الأيام الخوالي حدثك عنها كثيرا، كان اسمها منحوتا عميقا على ساق الطلح، تذوقه، خمرا بلا شك، كانت جرعة هائلة، أحسست بلذة ثم تورطت في الحاجة إلى كأس أخرى، لن تسكرك، تسللت إلى قطية المطبخ، جمعت كل الآلات الحادة ... الكبريت، الإزميل، حبل الغسيل، جالون الغاز ... كان الليل أهدأ من ابتسامة بوذا، يريد قتلك هذا المجرم، ألا يحتفظ بخنجر مسموم في مكان ما؟! أضأت الفانوس واستلقيت على الفراش لا لكي تنام، لكن لتبقى متيقظا مراقبا تحركاته.
كن حذرا، هبت الريح خريفية، أطفأت السراج، تستطيع أن تبقى صاحيا لن ينيمك الظلام، كح، انقلب في بطء، نهض فجأة، ها هو يصحو.
يحسبك نائما، وقف وسط الحجرة ثم مشى نحو الباب، ماذا يفعل؟!
خرج، عندما تأخر هاجمتك الظنون ، هل كان يبحث عن سكين، إزميل، أو حبل ليشنقك؟ أنت في كامل وعيك، لم تأت على نصف الزجاجة، ولو أتيت عليها كلها فإنها لن تسكرك، تموء القطط في الخارج، لن يقتلني هذا الوغد، حينما اندفق داخلا القطية صرخت في وجهه هائجا كالثور، مفزوعا: أنا لست سكران، لن تستطيع قتلي أيها المجرم!
لم تمهله، عاجلته بطعنة نافذة على صدره بسكين المطبخ، وأخذت تصرخ تهذي كالمجنون: أنا لست مجرما، لقد دافعت عن نفسي دفاعا مشروعا.
ثم احتضنت جنازتك ونمت.
16 / 8 / 1991م
جنونه
أخيرا انتصرت.
अज्ञात पृष्ठ
هتفت وأنا أحتضن خطاب نقلي إلى قسم المهملات بهيئة البريد والبرق، نضال شرس خضته، كلفني من الرشاوى والوساطات، الزمن والمشاوير - ما بين رئاسة الوحدة في العاصمة والفرع، ما بين واسطة وأخرى - الكثير.
انتصرت لأشبع رغبتي الحقة، التي في اعتقادي الخاص خلقت لأجلها، كما أنها هي التي خلقت من الحكماء بوذا وفلاسفة، من الأشخاص العاديين اليوميين أدباء، شعراء، فنانين، علماء ومبدعين. حقا هي الرغبة المقدسة التي تعرف بحب الاستطلاع، يسميها بعض المتشائمين الفضول. كانت أسعد أيام حياتي، تساقطت الخطابات المهملة على مكتبي كالغيث المبارك، بردا وسلاما، هذا نسي أن يضع الطابع، أو وضع طابعا بقيمة أقل مما يجب، خطابات خالية من العناوين، خطابات ثقيلة الوزن، يجب أن تسجل لكن لبخل أصحابها أو عوزهم انتهى بها المطاف إلى مكتبي، طلاب وعجائز يكتبون إلى أنفسهم، فيرتبكون في كتابة العنوان المرسل إليه أو ينسونه، كلها أرزاق تخصني، أصنف الرسائل المهملة - بعد قراءتها - إلى فصيلتين؛ «المثيرات» و«العاديات»، فأحتفظ برسائل الحب والعلاقات المشبوهة والأسرار الأسرية، رسائل المستوحدين إلى أنفسهم؛ لأنها دائما ما تكون صادقة ملتهبة بغموض أصحابها ومأزق وحدتهم، قد أرد على بعضها، معنفا هذا، لائما ذاك، معيبا، واصفا حلولا نهائية وعملية لمشكلة «س»؛ لأنني رجل فاضل فكنت أفعل ذلك بكامل النقاء، الشرف والطهر، فلا أتدخل إلا عند الضرورة القصوى؛ حيث لا مفر من إرضاء ضجيج الرغبة في إلا بالتدخل الشخصي السريع، رغم ذلك وقعت في فخ شيطاني لم أستطع حتى الآن حل لغزه أو فك طلاسمه المحيرة؛ كان النص الكامل لرسالتها لا يتعدى سبعة أسطر، كتبت بخط لين رديء لغة ركيكة، الرسالة معنونة إلى مكان مبهم لم يستوعبه ساعي البريد ... دائما، فكأنها أرسلت إلي شخصيا في مكتب إدارة المهملات:
مقابر المدينة - قبر أمي
أمي العزيزة، أنا تعبت وزهقت وكرهت حياتي، هذه المرأة اللعينة الشريرة التي جاء والدي بها إلى المنزل بعد وفاتك، هو الآن في السجن أو في موته لا أدري، تعاملني معاملة وسخة وغير أخلاقية، فما إن ذهبت إلى هناك حتى «...»
1
تزوجتني، أنا ... خجلة أكتب ذلك ... لكن أرجوك يا أمي أن تنقذيني منها، أرجوك، لا أظنك نسيتي عنواننا، لكني أذكرك إياه، إننا ما زلنا في نفس المكان، العنوان هو شارع «ج13، 31».
ابنتك المعذبة آستير
يوميا كان يصلني خطاب مستنسخ من هذا النص، فيشحنني برغبة هي جوع النار للريح، ولا بد من القول أيضا إنني أعرف هذا المكان جيدا وأسكنه.
الطابق الأخير يبدو جديدا، طرقت الباب، في أسرع مما أتوقع فتح، أطلت من خلفه فتاة بيضاء عميقة النظرات، لأول وهلة أحسست بألفة طاغية وعاطفة جياشة نحوها، كأنني أعرفها من قبل، إنها هي بلا شك. - تفضل.
بصوتها نعومة حلمية مثيرة، لحن من الجنون الغامض، قاعة الاستقبال المتسعة، الشمعدان، النجف الأجنبي يتدلى كالثريا من السقف، لمبات الزئبق، ورق الحائط الفاخر، تليفزيون ذو شاشة مسطحة ماركة
अज्ञात पृष्ठ
Hitachi ، تحته على الحامل ذي الأدراج يقبع فيديو من نفس الماركة، قد بدا لي أنه كان يعرض فيلما أوقف حين دخولي؛ نسبة للشيء الضئيل من الانزعاج الذي بدا على وجه المرأة الصفراء ذات العنق الطويل والضفائر المرسلة ... كراسي الجلوس الفخمة الناعمة التي ما إن جلست عليها حتى أودعتني أعماقها الدافئة، ابتلعتني تماما ... السجاد الإيراني، عبق المكان، كل شيء يوحي بالحياة، بالثراء الفاحش، لا أنكر أنني تآلفت أيضا مع المكان، تغلغل في عمقي، احتواني مثلما تحتوي التفاحة بذرتها. - أهلا.
المرأة الكبيرة الصفراء ذات العنق الطويل والضفائر المرسلة أجمل من الفتاة التي التقتني عند الباب، بعد قراءة سريعة لتقاطيع وجهها وفي مخيلتي نص الخطاب الذي كان، توصلت إلى أشياء كثيرة عن شخصيتها، أهمها «أنها شرسة، شبقة». - أنت من هذه المدينة؟
بادرتني المرأة الجميلة ذات العنق الطويل والضفائر المرسلة: نعم، من ذات المدينة. - لست من هذا الحي؟ - بل من ذات الحي. - لست من هذه الحارة؟ - بل من ذات الحارة. - لست من هذه العمارة؟ - بل من ذات العمارة. - لست من هذه الشقة، بالتأكيد؟
قالتها وهي تبتسم ابتسامة غامضة، لكنها مريحة ودية: بل من ذات الشقة.
تنهدت وهي تمسح كفيها بمريلتها النقية البيضاء، لم يبد على وجهها أي تأثير أو انفعال، كانت عادية كبرتقالة، في ذاتها ينام البحر. - لا بد من القول: كنت أقيم في الطابق الأرضي بعد رحيلنا من شقة 13، ذلك منذ زمن بعيد لا أستحضره الآن.
همست المرأة الجميلة في أذن الفتاة البيضاء، ثم تحدثتا كثيرا بسرعة لم أعهد مثلها؛ بحيث إنني لم أفهم شيئا مما دار بينهما من قول إطلاقا، غير أن أذني المدربة جيدا على الاستطلاع استطاعت أن تلتقط مرارا كلمة «الدائرة»، ثم اختفت المرأتان في إحدى حجرات الشقة، لفهما الصمت. شربت عصير المانجو، لم تعودا، قرأت مجموعة من الرسائل «المثيرات» كانت بجيب سترتي. زمن لا أدري مقداره تزحلق وأنا غارق في الكرسي الوثير، أبارز ظنوني محملقا في التليفزيون المطفأ، الثراء الذي يطوقني، أتفحص الأشياء بدقة، امرأة مجربة، أقدر أثمانها، أتخيلها انتقلت إلي، فلأدير جهاز التليفزيون، لم لا؟! ما لم أتوقع كان شريطا قذرا ومثيرا، المرأة الجميلة تتزوج الفتاة البيضاء، سابحتين في عري لا نهائي، وعناق محموم، حالة حب مدهشة، كما تتوحد الحنظلة مع مرها، توحدتا، وأحسست فعلا بحرارة أنفاسهما، شعرت بدوار طفيف، ودونما تفكير انتزعتني من الكرسي الوثير وأخذت أبحث عن المرأتين، طرقت كل الأبواب، في ثورة جنون وحمق، «ألم تكتب أنها تكره ذلك، ل ...»
لا أثر للمرأتين، كانت الغرف خاوية فارغة من الأثاث، خلاء كانت، مسكونة بالوطاويط السوداء وعفونتها، ولكنني أصبت بدهشة أكبر وخوف حقيقي عندما عدت إلى قاعة الاستقبال ووجدتها تنام في عري قديم ولا نهائي، لا أثر للفيديو، الموكيت، ورق الحائط، لا شيء غير العري، الفراغ والعنكبوت.
حاولت فتح الباب المفضي للخارج، ولكنه كان مغلقا جيدا، فأخذت أركله بهستيرية وجنون إلى أن فتح، فتحه الجيران، وكانوا قد تجمهروا أمام الباب عند سماعهم للضوضاء والجلبة التي أحدثتها.
وأخذوا يسألونني ويتفرسون في باستغراب وبرود أملسين: أنت لست من هذه المدينة؟ - بل من ذات المدينة. - لست من هذا الحي؟ - بل من ذات الحي. - «... - ...» - «... - ...» - «... - ...»
استطعت أن أتأكد وبما لا يدع مجالا للظنون أو الشك أن من بين الجيران المرأة الجميلة الصفراء ذات العنق الطويل والضفائر المرسلة ... والفتاة البيضاء ... وكانتا مندهشتين كالجميع وباردتين.
अज्ञात पृष्ठ
حريته
بقصره الصغير جنة من الفل، الورد البلدي، الياسمين بجميع فصائله، محاط - القصر - بسياج عال من أشجار البان والتمر هندي، زاهيات أشجار الواشنطونا، معلقة عليها مرجيحة القيلولة.
تنبعث موسيقى «شوبان» من بين خصلات زهور النرجس والجهنمية عبر سماعات دقيقة مخفية بحنكة، خلف أذنه اليسرى، يحتفظ بعود من الصندل موثق بختم «التأميل» البارز.
تقرأ صبيتان حسناوتان ذاتا صوتين عذبين وضفائر مسدلة على كتفيهما العاريين الناعمين، غزليات «فروغ فرخذاد»، بينما تدلك آنسة سمراء ساحرة ظهره بعطر «الكلونيا» وزيت الصندل، تسقيه وقتما يشاء كئوس الخمر البلدي بالقرنفل، وعبر أنابيب صغيرة محقونة بين أغصان شجيرات البرتقال والتين الشوكي والليمون تصله نسيمات مدفوعة بجهاز خاص، ينفح عند القيلولة في صدر الحديقة وحول المرجيحة نسمات محملة بعبق غابات المانجو الاستوائية، مصحوبة بزقزقة طيور «الكلج كلج» و«القمري».
كان صدر الصبية السمراء، وهي تدلك بطنه، يكاد يلامس وجهه، لاحظ أن نهديها نموا بسرعة لا تعقل في الآونة الأخيرة، وأنها تفتعل الالتصاق بجسده، ثم أخذ يفكر بجدية في أمور شتى صغيرة وناعمة، نام قبل أن يسمع المقطع الأخير من قصيدة «فروغ فرخذاد».
أفكر، أعلم أني لا أملك المقدرة على مفارقة هذا القفص.
حتى ولو شاء سجاني، لم يعد في رمق أطير به.
23 / 11 / 1993
سيرته الذاتية
(أ)
अज्ञात पृष्ठ
الشارع الترابي العام يمر بعيدا عن الحي متجنبا الغوص في متاهاته، وكأنه عاف عفونة أزقته ومواء أطفاله. من هذا الشارع العام تتفرع أشرطة من أزقة ضيقة تذوب تدريجيا بين البيوت المتلاصقة الصغيرة المبنية من قصب الذرة الرفيعة والطين اللبن، مطلية بروث الماشية والحمير، وعلى أطراف الأزقة تحت أحواش القصب الرطبة يتقنطر براز الأطفال رماديا أو أسود يابسا، عليه جيوش من ذباب الخريف الأخضر الضخم ذي الأرجل الخشنة، طنينه قد يفزع بعض المارة.
أما المرحاض العام، زريبة المواشي، دكان اليماني صالح، وبالوعة مياه الجبنة العفنة تقع في ملتقى الأزقة وسط الحي.
ماسورة المياه المتعطلة تصنع نهرا طينيا يشق صدر الزقاق الضيق المفضي إلى الخور الكبير، يبني على ضفتيه الأطفال الرماديون ذوو الأنوف المتسخة والجلاليب المهترئة (مؤخراتهم الغبشاء عار نصفها خلال مزق سراويل الدمور القديمة تعانق عفن الأمكنة) خزانات من الطين المختلط بالطحالب الخضراء، عفن الخبز وبيض الضفادع اللزج، ويشكلون جمالا، حميرا، وجرارات صغيرة، وبعض التفاهات التي تشبه عيونهم الجميلة المقذية.
يشتمون بعضهم البعض بألفاظ هشة مصنعة في الغالب من أطيان نهيرهم وخراء أزقتهم المتخمر تحت شمس الخريف الدافئة.
الناس كالأشباح ينسلون من ثنايا صمت الأزقة الرطبة، يحتضنون صخب أشعة الشمس، في بطونهم لا شيء. مباني المدرسة التي ستكتمل بمشيئة الأزمنة القادمة تقبع كالموتى، ما بين ميدان كرة القدم والجمعية التعاونية القديمة؛ أي في بداية شارع الماسورة. بعض المباني غير المكتملة، وفي داخلها ترقد جثث القطط والكلاب وغيرها من الحيوانات النافقة أو التي اغتالها أطفال الحي الذين ليس لديهم ما يشغلهم طوال اليوم.
هنا ولد، في هذا المكان. (ب)
الشرطي الوسيم ذو الهراوة الكهربائية الجميلة التي يسمع لها خشيش مرح حينما تلتحم بجسد فار أمامها، غاضب هذا الجندي غضبا لا مبرر له إلا الحفاظ على المظهر العام، قربه تقف عربة الفورد المصفحة السريعة «بأريلها» المرسل في أحشاء الهواء الساكن، على بعد مترين منه يقف الجندي الآخر الغاضب - أيضا - القبيح، وعلى بعد مترين يقف جندي آخر سمين له كرش متفيلة ووجه كحلي ملصقة عليه عينان صغيرتان لا لون لهما في الغالب، الجميع أمام مبنى من ثلاثة طوابق وحديقة صغيرة مختصرة، ثلاثة كلاب متشابهة سوداء تتجول في فناء الحديقة ، تتبول بانتظام على حجر أملس كان نصبا تذكاريا في الأزمنة الماضية لشيء ما، أو شخص ما. الحجر أبيض فيما عدا خرائط البول الصفراء التي صنعتها الكلاب عليه.
المكان هادئ، وبين وقت وآخر يخرج رجل متأنق نظيف معبق بعطر مثير، وقد يخرج أكثر من شخص من هذه العينة ويدخل آخرون، ولكن فجأة قد تسمع أصوات محرك عربة فورد تقف عند الباب الخلفي للمبنى، وإذا استرق الإنسان السمع، أو الكلاب الثلاثة ورجال الشرطة، يمكنهم سماع صرخات مكتومة وأنات باردة تسرق من عمق هدوء المبنى.
هنا مات، في هذا المكان.
18 / 6 / 1992
अज्ञात पृष्ठ
شوفه
«الكشة، الكشة ...»
1
احتياطي مركزي، أمن الدولة، بوليس المطافئ، جند القوات المسلحة، مخبرون سريون، المباحث الجنائية، الهجانة، الشرطة العسكرية، جند خاص مختبئة أعينهم خلف نظارات معتمة، فرقعة السياط، كعكعة العصي، تفتفة البصاق المدمى «أي أية» الغرباء وصرخاتهم العميقة المتبعة. - يا زول اعمل حسابك. «عملت حسابي»، في الريح أيضا عملت ساقي، أطلقتهما، وانطلق خلفي كلب بوليسي أغبش ضخم، خلفه انطلق سيده وسيدي الشرطي.
في حقيقة الأمر، كنت خائفا من الشرطي أكثر مما أنا خائف من كلبه؛ «لون الكلب أغبش.
لوني لون التراب.
عيناه حمراوان ضيقتان، عيناي ...
بنباحه بحة خفيفة، بصوتي أيضا بحة، لن يطلق النار علي.»
شوارع الخرطوم مليئة بالمارة، لكنه سينسؤني بهراوته الغليظة على أم رأسي، أصرخ، ثم ينسؤني فأصرخ أتأوه، ينسؤني، أسقط مغشيا علي، يركلني على بطني بمقدمة «بوته الحديدية»، ولأنني مصاب «بفتق» في سرتي لي أسبوعان فقط منذ أن غادرت المستشفى للمرة الثانية في نفس الشهر؛ فإنني - حتما - سأموت. - اصح يا عبد الله المدعو موسى. - من أنتما؟ - أنا «منكر» عبد الله خلقني من الأسئلة. - أنا «نكير» عبد الله خلقني من الأسئلة. - ماذا تريدان؟ - نسألك ما لك وما عليك ... - ما كسبت يداك. - لماذا تهرب من الشرطة، الاستخبارات العسكرية، الاحتياطي المركزي، الكلاب المعاونة إلى آخره إلى آخره؟ - هل أعتبر أن هذه محاكمة؟ - نحن نسأل فقط.
لو تأكدت أن الشرطي - جماعته من العسكريين والأمنيين والكلاب - لن يؤذيني، ضربا بهراوته، ثم رفسا برجله في بطني فاتقا بذلك «عمليتي الجراحية»؛ لاستسلمت له. - سجل أنه مبرراتي. - لقد أرهقت الكلب المعاون.
अज्ञात पृष्ठ
كان هريره مفزعا، وبحته مخيفة ثقيلة على قلبي، وأنا رجل نحيل بسيط مسالم، لهاث أنفاسه تحت رجلي يقلقني، الناس يفسحون لنا الطرق صارخين: - ووب علينا. - سجمنا. - يا سيدنا الحسين. - بري. - يا أخينا. - يا هو، يا هو، يا هو. - ود الكلب. - ده ساكينو وين؟ - الكشة، الكشة، ووويهو.
أما الذين يهربون أمامي إما أعراب: رثة، قذرة، عفنة، نتنة ثيابهم، جاهلون، أو سود شعث غبر، خشنو الأيدي والأوجه، من الغرب، جنوبيون من الدينكا، الشلك، اللكويا، أو غيرهم لا يلبسون البذل أو رابطات العنق أو يحملون الحقائب السومسونايت، بجا شرقيون، فلاتة ولاجئون أحباش أو «تربالة»
2
من الشمال. أما الخرطوميون: «الطمأنينة الآن سائدة.»
3 «لا إله ... سوى البندقية.»
لمن الويل، لمن الشقاوة؟
لمن المخاصمات؟
لمن الكرب؟ لمن الجروح بلا سبب؟
لمن ازمهرار العينين؟
4
अज्ञात पृष्ठ
أنا لا أشرب الخمر.
ولم تنظر عيناي للأجنبيات، وما نطق قلبي بأمور ملتوية.
تخطينا بنك فيصل، بائع حجارة البطارية، أستوديو كاسيت المدينة، طاردتنا لحظة بعض ألحان رخيصة. تخطينا فندق صحاري - صديقي عطا المنان يعمل نادلا به - نادي البورصة الدولي، صف المواطنين عند شباك مكتب الجنسية، الجوازات والهجرة، تقلص الصف فجأة إلى أن صار رجلا واحدا أو أقل قليلا، فلقد كنت مسرعا ودائخا لم أستطع أن أتأكد. تخطينا مدينة الخرطوم العتيقة وأمكنة محترمة شتى.
كانت دربا ضيقة رطبة، أحسست أن خيوط جرحي تنقطع واحدة خلف الأخرى، ألم كوني يمزقني. قال «منكر» بهدوء: أنت أتعبت الشرطي.
أحنيت رأسي فجأة في زاوية حادة جهة الشمال، فصفرت العصا وهي تشق الهواء وتسقط بعيدا معانقة صوان الطريق. - ووب علي ... موسى؟
قلت لأمي بصوت صدر في الغالب من معدتي: ابعدي، ابعدي عن الدرب، حتما سأعود إلى المنزل حتما، احذري الكلب، إنه شرس.
Good-bye my fancy!
Fare well dear mate, dear love!
I’m going away, I know not where,
or to what fortune, or whether
अज्ञात पृष्ठ
I may ever see you again,
So Good-bye my fancy.
Walt Whitman, the complete poems
كان جرحي ينزف شيئا دافئا من موضع «العملية الجراحية»، ولكني أطمئن نفسي، بعد لحظات سأدخل الزقاق وأجد «الثلة»: (أ)
حواء الفوراوية: تحمل جرة المريسة وتدفقها تحت أقدام الشرطي فيتزحلق، ثم تزغرد وصديقتها «كيكي». (ب )
أبكر، شوفل، سيد أحمد، كوكو أو كير، عيسى كويا، ساتي؛ سينقضون على الكلب الأغبش الضخم ركلا، ضربا بالعصي فيقتلونه، وفي الغد يحمله «جبرين الجزار» ويبيعه كضأن في جزارة أم درمان. (ج)
جعفر محمد مختار البوليس الأقرع، وعلي محمد آدم صول الجيش العجوز.
بطرق فنية عسكرية وتكتيك ميداني عبقري سيطيحان بالشرطي، يجردانه من غدارته، هراوته، صفارته، زيه، بوته، كابه، شواربه، شراباته، نياشينه، أنواطه، شجاعته، ثم يطلقانه في طرق الله هزيلا منكسرا دائخا مثل قط مسلول، فاقدا الذاكرة وخلفه الأطفال ينشدون وهم يرمونه بالحجارة:
البوليس
حرامي تعيس
अज्ञात पृष्ठ
البوليس
مرت إبليس.
سألني نكير بهدوئه ودقته المتناهية: ألم تكلف ميزانية الدولة مائة جنيه؟
50 جنيها حجارة بطارية لعصا الشرطي.
20 جنيها إفطار الكلب.
10 بدل جري للشرطي.
20 قيمة ضمادات وتتراسايكلين للشرطي علاجا للجراح التي أصابته عندما لكمك بقبضته في فمك؟!
جرحي ينزف شيئا دافئا لزجا، «ريحته» دم، دم ودم لونه آهاته دم ودم دقات قلبه.
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
अज्ञात पृष्ठ
فيما معناه: «روضة من رياض الجنة القبر، أو حفرة من النار.»
اللهم اغفر لنا خطايانا، وسامحنا ما عصينا ولاة الأمر منا، قست قلوبنا فما استطاعت إطاعتهم.
هرير الكلب أصبح واهنا ضعيفا، أتعبته، لم يراع أننا يمكن أن نكون حليفين.
أغبشان، قراد أذنه وقمل إبطينا.
كلانا عانس ويتشوق إلى صدر أنثاه (هو إلى ظهرها).
بحتي وبحته، عبوديتنا، هريرنا.
في الحق، إن الكلب كان يجري مائلا بجسده ناحية اليمين وبرجلي اليسرى عطب خفيف.
السياسي الحاذق هو الذي يبحث عن نقاط التقاء بينه وبين أعدائه، بل بينه وبين الذين يعتبرونه عدوا لهم. «هوشي منه.»
عشرون خطوة وبيت كلتومة الفلاتية.
فإذا صرخت: النجدة يا ناس الحلة، النجدة!
अज्ञात पृष्ठ
نادت «رقية» زوجها ووجهها مطلا من أعلى «الصريف»: يا كافي ... كافي ... الحق.
أطفال الزقاق الصغار: سوسن، وداد، محاسن، أبكر، إبراهيم، صالح، تيه، أحمد، جون،
5
أوشيك، ود حواء زريقاء؛ خرجوا دفعة واحدة من خلوة «الفكي» عم ياسين. (الودعاء الطيبون يرثون الأرض.)
6
أصابني دوار خفيف، وشعرت بالغثيان وأنا أشم رائحة دمي النازف، صاح «منكر » بصوت حنون طيب: تشهد يا عبد الله، تشهد.
قلت مستسلما، مسلما، مسالما، أمري لله وحده ... أشهد أن لا إله إلا ...
وهوت هرواة الشرطي على أم رأسي، إصابة أطارتني في الهواء ولم تنزلني إلا عندما أحسست أن الكلب الأغبش يتبول على أنفي، لقد كان مدربا جيدا، وعندما التقت عينانا، واساني بنظرة حانية وانسحب خلف الشرطي واختفيا، ولكني كنت مرهقا ضعيفا، كنت أحتضر، مرت بي كلاب شتى، ولكن كلبة صغيرة سوداء هي وحدها التي لاحظت أن كلبا قد تبول على أنفي، هزت ذيلها القصير، مسحت أنفها على الأرض بغرائزية فطرية، شمتني، قربت من أنفي، رفعت رجلها الخلفية!
بالرغم من ضعف بصري استطعت أن أرى تحت ذيلها مباشرة عشر قرادات صغيرة عجفاء.
4 / 8 / 1992م
अज्ञात पृष्ठ