قالت وأقبلت على السلطان تعبث بأزرار صداره المذهب: وفاطمة بنت العلاء ...
صاح السلطان مقاطعا: وماذا يعنيك من أمر فاطمة بنت العلاء؟!
فتراجعت أصل باي وقالت: لا شيء ...
وسكتت قليلا ثم أردفت: حسبت أن أمرها يعنيك؛ فقد كانت يوما ما أحظى نساء السلطان قايتباي إليه! ثم غمزت بعينها وهي تقول: وأحسبها لم تزل تحلم بذلك المجد الذي كانت يوما ما تتقلب في أعطافه، لولا ما تجد من العزاء عن ذلك في عطف الأمير طومان باي الدوادار ...
وبدا الغضب في وجه السلطان وقال عابسا: حسبك يا أصل باي! إنني مدين بعرشي إلى صديقي طومان باي، وليس يرضيني أن يجري ذكره على لسانك بغير ما أحب ...
قالت وأطرقت: وإنه لأهل للمحبة يا مولاي ...
ثم سكتت، وتذكرت حادثا حدث من عامين: يوم خرج ولدها الناصر لنزهته ذات صباح ثم لم يعد، وتدحرج رأسه تحت أقدام طومان باي، ثم تذكرت حادثا آخر منذ يومين: حين فر أخوها الظاهر من قصر القلعة في زي امرأة، وكان طومان باي واقفا عند باب القلعة وفي يده سيفه يقطر من دم المماليك، ثم تذكرت حديثا نقلته إليها جاريتها منذ قريب، تزعم أن طومان باي قد وعد ألا يعقد على صاحبته فاطمة بنت العلاء إلا يوم يجلس على عرش مصر، وتعود فاطمة سلطانة كما كانت!
تذكرت أصل باي كل ذلك وهي جالسة بين يدي زوجها الأشرف جانبلاط، فلولا أنها تخاف بادرته لصاحت به: «اقتل طومان باي قبل أن يقتلك!» ولكنها لم تقلها، وغشت نفسها وغشت السلطان وقالت: نعم، إنه أهل للمحبة يا مولاي.
وهتفت مصر كلها باسم السلطان الأشرف جانبلاط، واجتمعت السلطات كلها في يد الدوادار الكبير طومان باي.
رجل واحد أعلن عصيانه ولم يدخل تحت طاعة السلطان، ذلك هو الأمير قصروه نائب الشام.
अज्ञात पृष्ठ