قالت السلطانة: ويحبها إلى ذلك الحد؟
قالت أختها: نعم يا خوند، ولو قصصت عليك من خبرهما لأشفقت ولم يهن عليك أن تفرقي بينهما ... وقد كنت على أن أفك رقبتها ليتخذها زوجة، فإذا أذنت فإنني أعتقها لتصحبك إلى القصر حرة مسماة على كرت باي، حتى يحين موعد زفافها إليه في الربيع.
قالت السلطانة: فقد أذنت لك وله ...
ودعيت مصرباي إلى مجلس السلطانة، فوهبت لها مولاتها حريتها وأنبأتها النبأ، فتضرجت وجنتاها من حياء وتتابعت أنفاسها، فلم تلفظ كلمة الشكر.
وصحبت مولاتها السلطانة إلى القلعة؛ لتكون منذ اليوم وصيفة بين وصيفات البلاط!
وخطت أولى خطواتها إلى المجد، وبدأت تصعد الدرج إلى العرش، وتدانت لها الأماني ...
هل كان في خيالها وقتئذ كرت باي ، أو خاير بن ملباي، أو طومان صديقها الصغير، أو ماضيها البعيد في الغور المنبسط بين جبال القبج؟ لا شيء من ذلك كان يطرق خيالها يقظى أو نائمة، فما كان يطيب لها وقتئذ إلا خيال واحد، حين تقف وراء مولاتها السلطانة، وهي جالسة إلى المرآة تأخذ زينتها وتنطبع على المرآة صورتان، فتطير بها الأحلام تعبر بها حدود الزمن، فكأنما ترى صورتها في المرآة، وعلى رأسها تاج، ومن ورائها وصيفة ترجل شعرها المرسل، وخطوات السلطان تقترب من غرفة الزينة ... من يكون ذلك السلطان يومئذ؟ ليس يعنيها من يكون السلطان يومئذ؛ فليكن هو كرت باي، أو خاير بن ملباي، أو قايتباي العجوز نفسه، فليس يعنيها من ذلك إلا أن تكون هي سلطانة!
ورآها الصبي محمد بن قايتباي في حريم القصر فافتتن بها، وقد سرها أن يفتتن بها ابن السلطان وإن كان صبيا لم يبلغ الحلم، فمدت له خيط الرجاء.
وراح جواري القصر يتحدثن عن غرام الأمير الصغير بوصيفة السلطانة، وبلغ النبأ أمه أصل باي جارية السلطان قايتباي وحظيته، فلم تشك في أنها دسيسة دبرتها زوجة السلطان التي لم تستطع أن تنجب له ولدا يرث العرش، فحاولت أن تفسد ولدها!
على أن مصرباي لم تكن في قصر السلطان مطمح نفس محمد بن قايتباي وحده، فقد كان ثمة شاب آخر يرمقها بعيني الصقر الجائع، ذلك هو قنصوه أخو أصل باي حظية السلطان، وخال ولدها محمد بن قايتباي!
अज्ञात पृष्ठ