وبرغم أن هذا الحب نسيج حياة المرأة، فإن الرجل الذي اعتاد إذلالها باسم القوة والحصانة، سد في وجهها منفذ الانتباه لعواطفها المشروعة، وأنكر عليها الإفصاح عما ينبئ بأنها ذات يقظة مستقلة. وكل ما اقتحمته في عالم التعبير خلال العصور المظلمة يكاد يتلخص في وصف النبات والحيوان في حكايات قصيرة، ولم تنظم إلا الأناشيد الدينية والصلوات الروحانية، فإذا خرجت من ذلك فلتصوير حياة الرعاة وعاداتهم ومرحهم في عيشة الخلاء، أما النساء العربيات في الجاهلية وفي صدر الإسلام فلم ينظمن - على ما أعلم - إلا في المدح وفي الرثاء وما إليهما. وقليل ما ينسبونه من شعر الغزل والنسيب إلى بعض الشاعرات.
ولو أننا رجعنا إلى أوائل القرن الماضي - وهو عهد مدام دي ستيل نفسها - يوم أنشأت المرأة في الغرب تنزع إلى تحرير فكرها وإطلاق براعتها، وقابلناه بعهد عائشة والمرأة حبيسة خدرها وراء الحجاب، لوجدنا شاعرتنا في طليعة نساء العهد الجديد المتعرفات حقهن في حرية العواطف ومشروعيتها ضمن حدودها الطبيعية، هي في طليعتهن، ليس في الشرق فقط، بل في العالم المتمدن كله. •••
لقد قالت الكثير من شعرها الغزلي محاكاة وتقليدا، كما اعترفت بذلك في تصدير بعض أبياتها حيث تجد: «وقالت متغزلة في غير إنسان والقصد تمرين اللسان.» ولكن، أتكون الأبيات التالية في بساطتها «لتمرين اللسان» كذلك؟
أشكو الغرام، ويشتكي
جفن تعذب بالسهر
يا قلب، حسبك ما جرى
أحرقت جسمي بالشرر
رام الحبيب لك الضنى
لم ذا وأنت له مقر؟
لكن تعذيب الهوى
अज्ञात पृष्ठ