الفصل السابع
نثرها
نتائج الأحوال
أما الشعر فقد قرضته عائشة تحديا لبعض من سبقنا من «ذوات الخدر والأحساب» أو كما قالت:
ما قلته إلا فكاهة ناطق
يهوى بلاغة منطق وكتاب
وأما النثر فقد عالجته لملء ساعات الفراغ الطويلة التي لم تكن لتستنفدها محبة الأبناء وواجبات المنزل، ولياقات المجتمع، وفروض العبادة، ونظم القصائد، وقد شعرت قليلا قليلا بأنها تحب أن يكون لديها بلاغ تؤديه إلى قومها. وأما هذا الكتاب خاصة «نتائج الأحوال»، فهي تطلعنا في مقدمته على بواعث إنشائه وتخبرنا كيف كانت دواما تميل إلى استقصاء أحاديث السلف وتحب مسامرة الكبار ومجالسة العجائز لتسمع أخبارهم «وألتقط من تلك النوادر أعاجيب القدر»، ولما تم لها ذلك وأنشأت تطالع «من التواريخ ما قدرت قدرتي أن تدانيه، وما أمكن فكرتي الخامدة أن تصل إلى معانيه». «ولما تأملت في سير الأمم، وتحققت أن السعد والنحس منوطان بالقدر من القدم، وقد شاهدت والله في نفسي صدق هذا الخبر ... فدعتني الرأفة بكل مغبون لقي ما لقيت، ودهي بما دهيت، إلى أن أبدع له أحدوثة تسلية عن أشجانه عند تزاحم الأفكار» ...
إذن فلتعمد هي إلى تخيل الخيالات ونسج الحكايات. ولن يكلفها ذلك أكثر من جمع شتات ما قر في ذهنها من حكمة العجائز وما يتطابق وإياه من تجاربها الشخصية، لتدوين آراء شائعة مقبولة في أحوال هذا الناس: في السعد والنحس، في الصبر والمواساة، في الخيانة والوفاء، في الحب والكراهية، في القضاء والقدر، في التربية والأخلاق، وفيما يستتبع المصائب والرزايا في النفس الرشيدة من تقويم ورجوع عن الغي والضلال. «نتائج الأحوال» هو بالجملة من رواسب تلك القصص التي سمعناها في طفولتنا، خلال الليالي الساهرة في زمهرير الشتاء وهزيم الرعد وتدفق الأمطار. فتمتعنا منها بلذاذتين اثنين: لذاذة التحرز من غضب الطبيعة وصقيعها في ملجأ دافئ، ولذاذة الاستماع إلى سير الملوك والأبطال والجان والعاشقين يتصرف بهم القضاء والقدر، لينتهي بنا الأمر في الغالب إلى اندحار الشر وانتصار الخير.
فإذا تطلعت إلى خلاصة «نتائج الأحوال» فهب أنك تصغي إلي في ليلة صاقعة ممطرة وأنت في ثوب الطفل الغرير ففي هذه الحال تتذوق حكايتي بما فيها مما وعيته من أقاصيص الماضي الساذج. •••
هذه ككل قصة قديمة تحترم نفسها، فيها ملك وابن ملك ووزير ونديم، وعريس وعروس، وغير ذلك كثير. وإليك أسماء أهم الشخصيات:
अज्ञात पृष्ठ