هكذا كان قصرنا أول بيت يتردد فيه نشيد الإله الجديد. ودعينا لحضور الاحتفال بمرور ثلاثين عاما على جلوس أمنحتب الثالث على العرش، وسمح لنا باصطحاب بنتينا لأول مرة لشهود احتفال بالقصر الفرعوني. وزينت البنتين لعلهما يروقان في أعين صفوة الشباب، فارتدت كل منهما ثوبا طويلا فضفاضا، وطوقت منكبيها بمعطف مزركش قصير، منتعلة صندلا ذا سيور ذهبية. دخلنا قاعة لا تقل مساحتها عن مساحة قصرنا كله، مطوقة بالمشاعل ومقاعد المدعوين، على حين تصدرها العرش بين جناحين من الأمراء والأميرات، وبين هذا وذاك ترامى فراغ للعازفين والراقصات العاريات، وتنقل العبيد بين المدعوين والمدعوات يحملون المباخر والأشربة والأطعمة الفاخرة. وقلبت عيني بين صفوة الشباب فتمنيت لابنتي حور محب الضابط الواعد وبك المثال الموهوب، ورأيت الأعين تسترق النظرات إلى نفرتيتي آتية من نخبة الحاشية، حور محب وبك وناخت وماي، خاصة عندما أتيحت الفرصة لبنات الأشراف ليرقصن ويغنين في رحاب الملكين. وقد رقصت حبيبتي برشاقة آسرة، وغنت بصوت عذب فاقت به المطربات المحترفات. لعلي في تلك الليلة شاركت ابنتي موت نجمت غيرتها الصامتة، غير أنني عزيت نفسي قائلة: «إذا تزوجت نفرتيتي خلا الجو لموت نجمت، وتجلى نورها دون منافس.» وبدافع من حب الاستطلاع اختلست نظرات من نفرتيتي لأكتشف أين تتجه نظراتها، فأدهشني أن أراها منجذبة من أعماقها إلى معلمها الروحي ... ولي العهد! ونظرت نحوه فهالتني غرابة صورته، ورقته الأنثوية المثيرة للدهشة. ولما التقت عيناي بعينيها همست لي: حسبته عملاقا!
ولكن انبهارها غطى على دهشتها، ولم تكن تحلم بما يدخره لها القدر. ورجعنا إلى قصرنا، فقلت لزوجي آي: سيطرق بابنا الخطاب يا آي، فدبر أمرك ...
فقال بهدوئه المألوف: الآلهة ترسم لكل مصيره.
وبعد مرور يوم أو يومين فاجأني آي بقوله: الملكة تيى ترغب في مقابلة نفرتيتي ...
فأذهلنا الخبر، وسألته: ماذا يعني ذلك؟
فتفكر مليا ثم قال: لعلها سترشحها لوظيفة في القصر! - ولكنك تعرف أشياء ولا شك!
فقال: كيف بمعرفة ما يدور في رأس الملكة العظمى!
وأخذ يلقنها أصول الآداب المتبعة في لقاء الملوك، وقلت لها: فليباركك آمون برعايته ...
فقالت بثبات: إني أسأل الإله الواحد رعايته ...
فهتف بها آي بحزم: حذار أن تتفوهي بحماقة في حضرة الملكة.
अज्ञात पृष्ठ