إن سأل سائل عن من قال: إن العقل حجة الله على ابن آدم، وإن الخلق كله حجة عليه. وإن الرسل والكتب حجة، أو قال: إن حجة الله العقل دون الكتب والرسل، أو الكتب والرسل حجة الله دون العقل. أو قال: العقل تنال به معرفة البارئ عز وجل من ذات نفسه بشاهد الخلق من غيره منبه على وجه الحجة فيه ولا مخبر أو قال بغير إلهام. أو من قال: لا ينفك مكلف من إلهام، وقد قامت الحجة على العاقلين من جهة الإلهام. أو قال بالفكر إنه حجة/ الله ويسعه (ما دام متفكرا) (¬1) أو يسعه إلى مدة. أو من حط عمن لم يسمع كل ما ليس للغقل عليه دليل على حسنه وقبحه. ومن قال بالحجة لا تقوم بالواحد أو بالاثنين من أهل دين الله، أو بالأربعة أو بالخمسة أو بالاثنى عشر أو بعشرين أو بسبعين أو بالمائة أو بالماتين حتى يبلغ حد التواتر. أو شك فيما شهد عليه الشهود في جميع ما لا يسع قارنت الشهود ريبة أم لا؟ وهذا الباب كالأول، نريد من ينص على كل مسألة منهما (¬2) بجواب صريح بدليل صحيح أو بتقليد صحيح.
فصل
مسألة: وهل يصح أن يكلف الله عباده ويأمرهم وينهاهم بأوامره ونواهيه ولا عقوبة ولا مثوبة؟ وهل يسوغ أن يأمرهم وينهاهم، ويجعل مثوبتهم ترك عقابهم إن أطاعوا، وأما أن عصوا فيما قبهم؟ وعكس
ذلك. أن يأجرهم على الطاعة ولا يعاقبهم/ على المعصية، وتكون مؤاجرة الطائعين ثوابهم. وحرمان الثواب للعاصين عقوبة (¬3) لهم؟ وهل يسوغ أن يجعل التكليف مؤبدا لا آخر له والثواب والعقاب في خلال ذلك، لا آخر للتكليف ولا للجزاء، وهل يسوغ -في العقل- أن يكون الجزاء متقطعا كما ينقطع العمل، أو يجعل إحدى المثوبتين منقطعة والأخرى دائمة؟
पृष्ठ 74