ومن الأدلة علىجواز تأخير البيان قول الله عز وجل { أنا مهلكوا أهل هذه القرية إن إهلها كانوا ظالمين } (¬1) حكاية عن الملائكة، ولولا ما وسع الناس من تأخير البيان إلى وقت الحاجة للزم/ إبراهيم أن يحكم على أهل القرية بالهلاك وبالبراءة من جميع أهل القرية. لكن إبراهيم علم أن للعموم خصوصا وبيانا، فقال: { إن فيها لوطا } ، مستفهما. { قالوا: نحن أعلم بمن فيها } (¬2) . وقوله: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } (¬3) وأخر بيان نعتها. { واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } (¬4) فذكر الأصناف وأخر القسمة. وحد ذوي القربى منهم بنو هاشم وبنو المطلب دون عبد شمس ونوفل. ومن جهة السنة: أن سائلا سأل رسول الله عليه السلام عن أوقات الصلاة، فأخر الجواب حتى صلى بهم صلاة يومين فقال: أين السائل عن أوقات الصلوات؟ فقال: «ما بين هذين أوقات الصوات» (¬5) .
فصل
واختلف الناس في العموم والظاهر وأخبار الآحاد إذا تعارضت أيها أقوى. قال بعضهم: إن أخبار الآحاد/ أقوى من الظاهر. واستدلوا بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله عليه السلام: »نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» (¬6) وقال بعضهم: العموم أولى. ألا ترى إلى عمر كيف أبطل حديث فاطمة بنت قيس وقال: لا ندع كتاب الله عز وجل إلى قول امرأة لا تدري أصابت أم أخطأت. فأوجبالنفقة والسكنى للمبتوتة (¬7) .
والظاهر والعام وأخبار الآحاد هي طرق مستعملة فإذا تقاومت غلبوا عليها الرأي والقياس واستصحاب الأصل.
باب في الأمر والنهي
पृष्ठ 61