ليقرب المأخذ على المقتصد و )تهون) (¬1) المشقة على المجتهد، والله ولي التوفيق والفضل والهداية والطول.
ومعولنا -بعد حمد الله- في استخراج الحق من خلل الباطل أمران؛ أحدهما خبر، والآخر.
أما الخبر فقول رسول الله عليه السلام: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تأويل الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين» (¬2) وذلك أن الله ركب في طباع البشر عشق صنايعهم والشغف بها والدب عنها والحياطة لها وتخليصها من الشوايب والمعايب. وإيثارها على المطاعم والمشارب والمفارش والمراكب، لا سيما صناعة العلوم خصوصا قد ائتلفت القلوب والهمم والطبايع والشيم من العرب / والعجم على تلخيص هذه المعاني وتخليصها من الميون والكذب والأماني، ولا سيما هذه الأربعة وهي الخادمة لأصول الدين، فائتلفت القلوب على اختلاف البلدان والأماكن، وتباعد الأقطار والمساكن، وتنافر أهل المدائن والمواطن، وهو أدب اله تعالى في القرون الماضية والأجيال الخاليه، وهو دأبه في الأمم الجائية الآتية { ولن تجد لسنة الله تبديلا } (¬3) ، { ولن تجد لسنة الله تحويلا (¬4) } وهو معنى الحديث الذي ذكرناه أولا.
... وأما النظر، فاستعمال كل شيء من العلوم في موضعه، وإعطاء كل ذي حق حقه. وعول على الأصول التي اجتمعت عليها الأمة واجعلها منارك، واتخذها معيارك، وأرد الله يردك، واضرب العلوم بعضها ببعض يخلص لك الذهب من الخبث، والمخض من بين الدم والفرث. وقد جعل الله للإسلام ضوءا ومنارا كمنار الطريق / وحلاوة وطلاوة في اللها والحلوق، وسكونا وقبولا
पृष्ठ 3