कुरैश की वर्जिन

जुर्जी ज़ैदान d. 1331 AH
61

कुरैश की वर्जिन

عذراء قريش

शैलियों

فلما سمع علي تأنيبهم سكت وقد ضاق بهم ذرعا وعظم عليه الأمر فأطرق يتململ، ثم نظر إليهم فإذا هم سكوت ينتظرون جوابه فقال لهم: «قد أجبتكم.»

ولم يكد ينطق بها حتى ضج الناس استحسانا وتهللت وجوههم فرحا، إلا طلحة والزبير فإنهما ظلا صامتين.

فلما رأى علي حسن لقائهم برغم سكوت طلحة والزبير، نهض فنهض الناس وهم ينظرون إليه ليروا ما يقول فإذا هو يضطرب كأنه تنبأ بما يتوقعه من جلائل الأمور، ثم أشار إليهم وقال: «اعلموا أني إذا أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، فإنما أنا كأحدكم إلا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه.»

فقالوا: «كلنا أطوع لك من بنانك، ومن ذا الذي لا يطيع ابن عم رسول الله وأخاه ووصيه ونصيره وربيبه وحبيبه وخليفته، والذي قال فيه: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه!» وقال: «علي مني بمنزلة هارون من موسى»؟ فكيف نبايع سواك؟»

فقال: «إذا كنتم لا ترون بدا من المبايعة فلتكن في المسجد.»

قالوا: «هلم بنا إلى المسجد.» •••

فنهضوا ونهض علي بن أبي طالب، ومشى وهو يتكفأ وبيده قوس يتوكأ عليها، حتى أقبل على المسجد والناس بين يديه، وكان محمد وحسن وأسماء بالقرب منه. فلما دخلوا المسجد قرأ علي الفاتحة وصلى ثم وقف ووقف الناس، فنظرت أسماء إلى الجمع وقد هاجوا وماجوا فرأت طلحة وقد تقدم إليه قبل الجميع ومد يده فمد علي يده فصافحه طلحة، وقال: «إنا نبايع سيدنا ومولانا الإمام، المفترض الطاعة على جميع الأنام عليا بن أبي طالب، على كتاب الله وسنة نبيه واجتهاد أمير المؤمنين. ونسلم له النظر في أمورنا وأمور المسلمين لا ننازعه في شيء ونطيعه فيما يكلفنا به من الأمر على المنشط والمكره، وعلى ألا خليفة سواه.» وأدركت أسماء من هيئة طلحة وغنة صوته ومجمل حاله أنه إنما بايع مكرها. ثم سمعت رجلا من الوقوف خلفها يقول لجاره همسا: «إنا لله وإنا إليه راجعون! إن أول يد بايعت يد شلاء، لا يتم هذا الأمر!» فالتفتت أسماء إلى محمد كأنها تستفهمه مغزى ما يقوله الرجل، فدنا منها وقال لها: «إن في يد طلحة شللا خفيفا من يوم أحد، والذي سمعته يتكلم رجل من أهل العيافة تشاءم بتلك المبايعة.» قالت: «أرجو ألا تصدق عيافته.»

وبعد أن بايع طلحة تنحى وتقدم الزبير فبايع، ثم بايع غيره من الأمراء جملة وفرادى.

فلما تم الأمر لعلي وأصبح أمير المؤمنين ارتقى المنبر، فلما رآه الناس صاعدا علموا أنه يريد أن يتكلم وهم طالما سمعوا خطبه وسحروا ببلاغته، فأنصتوا إلى ما سيقول. وظلت أسماء في موقفها ومحمد إلى جانبها، فلما وقف الإمام علي أصغت كما أصغى الجميع. فمسح علي لحيته بيمينه وأجال نظره في الناس والعمامة الخز على رأسه وعليه الإزار وبطنه يتقدمه لأنه كان ذا بطن، فلبث هنيهة لا يتكلم حتى سكت الجميع وتطاولوا بأعناقهم لسماع كلامه وهو أول كلام له بعد الخلافة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال بصوت سمعه من في المسجد جميعا:

إن الله تعالى أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر، فخذوا نهج الخير وأصدفوا عن سمت الشر، أدوا إلى الله يؤدكم إلى الجنة. إن الله حرم حرما غير مجهول وأحل حلالا غير مدخول، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين في معاقدها. فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق، ولا يحل أذى المسلم إلا بما يجب. إن الساعة تحدوكم من خلفكم، تخففوا تلحقوا، واتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم. وأطيعوا الله ولا تعصوه. وإذا رأيتم الشر فأعرضوا عنه، واذكروا أنكم قليلون مستضعفون في الأرض.

अज्ञात पृष्ठ