قالت: «لقد ارتديت هذا اللباس لأستطيع أن ألقى رجل هذه الأمة.»
ولم تكد أسماء تجلس حتى جاء فتى يستأذن عليا في دخول بعض الصحابة فأذن، ودخل عليه جماعة من المهاجرين والأنصار فيهم طلحة والزبير، وكانت أسماء تعرفهما من قبل. فجلسوا حتى غصت القاعة بهم، وتصدر طلحة والزبير القوم وعلا وجهيهما انقباض كأنهما يخفيان أمرا، فأدركت أسماء أنهما جاءا مكرهين. وما لبثوا حتى نهض واحد من أهل المدينة وخاطب عليا قائلا: «لقد جئنا إلى علي بن أبي طالب نطلب منه أمرا ونرجو ألا يردنا فيه خائبين.»
فقال علي: «وماذا تريدون؟»
قالوا: «جئنا نبايعك على الخلافة لأننا لا نرى أحدا أحق بها منك.»
قال وهو ينظر إليهم جملة: «ما زلت أرجو إعفائي من هذا الأمر، فإني أراه طريقا وعرا.»
قال قائل منهم: «ومن ترى أقدم منك سابقة وأقرب قرابة من رسول الله وقد صرح بأنه: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق؟»
قال: «كلكم لها أكفاء، وسأبايع بها من تبايعون.»
قالوا: «لا نرى غيرك أحق بها وقد قال رسول الله: علي مني وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن بعدي.»
قال: «قلت لكم دعوني واطلبوا غيري، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وله ألوان لا تقوم به القلوب ولا تثبت عليه العقول.»
فوقفوا وقد نفد صبرهم وقالوا: «نناشدك الله! ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى الإسلام؟ ألا ترى الفتنة؟ ألا تخاف الله؟»
अज्ञात पृष्ठ