فوقفت نائلة واستنهضت أسماء فنهضت، وسارتا معا.
قضت أسماء بقية اليوم تفكر تارة في مروان وطورا في محمد وآونة في أمرها مع يزيد، وقد ندمت لأنها لم تذهب مع محمد إلى منزل علي، ولكنها استأنست بنائلة وارتاحت لمجالستها. وكذلك كان شأن نائلة إذ اتخذت من أسماء تسلية لها في ضيقها، لما آنسته فيها من سداد الرأي وثبات الجأش وحسن الخلق، مع نفور من مروان هما مشتركتان معا فيه، ولولا قرابته من الخليفة لقرعت له العصا وأوقفته عند حده.
ولما أقبل المساء تناولتا العشاء والخدم والجواري وقوف بين أيديهما، والاضطراب باد على وجوههم على غير المعتاد.
فلما فرغتا من الطعام وذهبتا إلى حجرة الرقاد، نادت نائلة قيم الدار فسألته عما لديه من الأخبار، فقال: «إن مولاي الخليفة لم يذق طعاما في هذا المساء وهو في اضطراب وقلق شديدين، والناس حول الدار وعند الأبواب وقد حاصرونا ومنعوا الماء عنا.»
فبغتت نائلة وقالت: «وكيف يمنعوننا الماء قبحهم الله؟!»
قال: «لقد منعوه يا سيدتي ونحن إنما نستقي الآن مما بقي في الآنية من الأمس، ولا ندري كيف نستقي إذا ظل الحصار. وهذا ما دعا أمير المؤمنين إلى القلق.»
فضربت نائلة كفا بكف وقالت: «ويلاه! كيف يمنعون الماء عن أمير المؤمنين؟»
فقالت أسماء: «لا تحزني يا خالتي، إني كفيلة بالاستقاء مهما يبالغ القوم في الحصار.»
قالت نائلة: «وكيف تستطيعين ذلك ؟»
قالت: «يحمل الماء إلى بيت جيرانكم آل حزم، ونحن ننقله سرا إلى هذه الدار.»
अज्ञात पृष्ठ