148

कुरैश की वर्जिन

عذراء قريش

शैलियों

فقال: «إنه حيث قلت لك على مسافة قصيرة من هنا.»

قالت: «احمل له الطعام والماء وهلم بنا.»

قال: «أما من خوف علينا؟» قالت: «إن الشمس لا تلبث أن تغيب ويخيم الظلام فلا يرانا أحد، وأرى أن نبقي هذا الجواد هنا لئلا يدل علينا.» فأخذ الرجل الجواد وعاد إلى الكوخ، وبعد قليل رجع بقربة مملوءة ماء وبأرغفة وشيء من الجبن.

وسارت أسماء ورسولها وقد خيم الظلام، وكان يمشي أمامها يدلها على الطريق وهي تكاد تتعثر بأذيالها للهفتها وسرعتها، وقضت مسافة الطريق لا تتكلم لشدة اضطرابها لما تتوقعه من الانفعال عند لقيا محمد.

وقضيا ساعة سائرين لا يكادان يميزان الطريق لو لم يكن جبل المقطم ظاهرا أمامهما في الأفق، فجعلاه وجهتهما ظنا بأن محمدا مختبئ بالقرب منه. وكانا يمران تارة بين خيام وآونة بأعشاش وأكواخ صغيرة، حتى وصلا إلى جانب المقطم فتقدم الرجل وسارت أسماء في أثره، ومشى هو يلتمس الطريق بين أنقاض الخرائب وهي تتبعه وقلبها يدق توقعا للبغتة التي ستصيبها عند اللقاء بعد طول الغيبة.

وبعد هنيهة اختفى الدليل في ظلمة مدلهمة هناك، فنادته بصوت منخفض فقال: «لقد وصلنا»، فدخلت في أثره إلى بيت خرب لم يبق منه إلا الجدران وبعض السقف، ولم تكد تدخل حتى سمعت الرجل يقول: «أين أنت يا مولاي؟» فلم يجبه أحد، فقالت أسماء: «لعله كان هنا»، قال: «نعم، تركته في هذه الخربة.»

قالت: «فلنبحث عنه في غيرها فقد تشابهت الخرائب عليك.» وأخذا يفتشان كل الأماكن المجاورة فلم يقفا له على أثر حتى تعبا وملا التفتيش، فقالت أسماء: «ما قولك في غيابه؟» قال: «لا أدري، وأخشى أن يكون عمرو قد عرف مكانه فبعث من قبض عليه وهو أعزل.»

فلما سمعت ذلك رجف بدنها وقالت: «وكيف العمل الآن؟!» قال: «إني طوع أمرك»، قالت: «عد بنا إلى حيث كنا، نلبث هناك إلى الصباح ثم نسير نستأنف البحث عنه.»

وعادا حتى أتيا الكوخ وعرفاه من صوت الجواد، فإنه حالما اشتم رائحة القادمين صهل ورفس الأرض بحافره، وباتت أسماء عند ضاحية الكوخ. وبكر الرجل في الصباح للبحث عن محمد ومكثت هي في انتظاره.

الفصل الثاني والعشرون

अज्ञात पृष्ठ