उल्टी गिनती: अंतरिक्ष यात्राओं का इतिहास
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
शैलियों
أحدثت الكارثة طفرة هائلة في الاهتمام بتدابير السلامة. جرى تأجيل رحلة جاجارين المدارية التي كان مقررا لها أن تنطلق في أواخر ديسمبر 1960 إلى الربيع، للسماح بإجراء المزيد من الاختبارات الإضافية باستخدام الكلاب. جرى بنجاح استئناف العمل في برنامج إطلاق الصاروخ «آر-16» في أوائل شهر فبراير؛ وهو ما جعل الصاروخ جاهزا لدخول الخدمة في عام 1962. وفي أعقاب عملية خليج الخنازير، التقى خروتشوف كينيدي في فيينا. خرج خروتشوف من الاجتماع مقتنعا من جديد بإمكانية الانتصار من خلال الترهيب، وهدد باستيلاء ألمانيا الشرقية على برلين الغربية.
كان كل من قرار كينيدي حول «أبولو»، والإجراءات الأخرى التي أعلنها في الخطاب نفسه، يمثل جزءا فقط من رد فعله. في أواخر شهر يونيو، طلب كينيدي توفير مزيد من التمويل لصالح البنتاجون، واستدعاء جنود الاحتياط، وزيادة عدد القوات القتالية، ومضاعفة عمليات استدعاء المواطنين للتطوع في الجيش بمقدار ثلاثة أضعاف، وإدخال تعديلات على الطائرات والسفن التي كانت مستبعدة من الخدمة. اتخذ خروتشوف خطوته في أغسطس ببناء حائط برلين، كما أجرى اختبارات لقنابل نووية ذات قدرات مرتفعة للغاية، وكان منها قنبلة تبلغ آثارها التفجيرية 50 ميجا طنا. لكنه لم يستول على برلين الغربية، بل عزلها من خلال الحائط؛ مما جعل الأزمة تهدأ تدريجيا. مع ذلك، شعر كينيدي أن عليه فعل المزيد؛ حيث تحول بناظريه إلى جنوب شرق آسيا. توقع الجنرال ليمان لمنيتسر، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بأنه في حالة سقوط فيتنام الجنوبية، «سنفقد جميع دول آسيا حتى سنغافورة». في ديسمبر، أطلق كينيدي حملة تعبئة، فزادت التزاماته؛ إذ بعد أن كان مسئولا عن ثمانمائة مستشار، صار مسئولا عن ستة عشر ألف جندي في أرض المعركة.
في تلك الأثناء، كانت الخيارات الاستراتيجية تنفد من بين يدي خروتشوف. لم تتجاوز قوة القاذفات البعيدة المدى ثمانيا وخمسين قاذفة تعمل باستخدام المكابس، وستا وسبعين طائرة طراز «تي-يو 95»، تعمل بالمحركات المروحية التوربينية وبطيئة ويسهل إسقاطها من قبل الدفاعات الجوية الأمريكية. شرع خروتشوف في نشر صواريخ «آر-16»، لكن لم يكن لديه إلا عشرون صاروخا باليستيا عابرا للقارات؛ كان يستطيع مهاجمة الولايات المتحدة بنحو 220 سلاحا نوويا، لكن لم يكن الكثير منها سيبلغ هدفه.
كانت القوة الأمريكية هائلة؛ إذ كان لدى أمريكا 122 صاروخا باليستيا عابرا للقارات جاهزا للاستخدام، فضلا عن 1381 قاذفة نفاثة، كان نحو خمسيها تقريبا من طائرات «بي-52». كان لدى أمريكا أيضا ستون صاروخا طراز «ثور» في إنجلترا، وخمسة وأربعون صاروخا طراز «جوبيتر» في إيطاليا وتركيا، فضلا عن ثمانية وأربعين صاروخا طراز «بولاريس» على متن ثلاث غواصات جاهزة للانطلاق والمزيد في مخازن أسلحتها. كانت الآثار الانفجارية الجاهزة التي يمكن لأسلحة الولايات المتحدة إحداثها تقدر بحوالي 4000 ميجا طن. ووفقا لتقديرات هيئة الأركان المشتركة، كان يمكن لهذه القوة التدميرية أن تودي بحياة نصف مليار شخص، بزيادة ثمانين مرة عمن لقوا حتفهم في محرقة اليهود على يد النازيين (الهولوكوست).
مع ذلك، لم يستطع خروتشوف أن يفعل سوى شيء واحد لمواجهة حالة عدم التوازن هذه. في إطار من السرية، قرر خروتشوف أن ينشر أربعين صاروخا متوسط المدى في كوبا، لزيادة عدد الأسلحة التي يستطيع توجيهها مباشرة إلى الولايات المتحدة زيادة كبيرة. تمخض ذلك عن أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962. في غضون أيام قلائل، بات العالم قاب قوسين أو أدنى، عن أي وقت مضى، من اندلاع حرب نووية؛ إذ بدا أن المنطق المرعب وراء حرب تطوير الصواريخ والقذائف، التي كانت دائرة بلا هوادة منذ عام 1945، سيبلغ نهايته المنشودة.
كم اقتربنا في حقيقة الأمر من حرب عالمية ثالثة؟ يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال الإشارة إلى حالة الأزمة التي اندلعت يوم السبت، 27 أكتوبر؛ أي قرابة أسبوعين بعد معرفة كينيدي بهذا الخطر الوشيك.
كان كينيدي قد فرض حظرا اقتصاديا على كوبا، وهو ما كان في حد ذاته ضربا من أعمال الحرب، لكن الصواريخ كانت قابعة هناك بالفعل، وكانت أطقم العمل تباشر عملها بحماس محموم لتجهيز الصواريخ. كان وزير الدفاع ماكنامارا مستعدا لشن ضربات جوية؛ إذ كان كرتيس لوماي قد صار آنذاك رئيس أركان القوات الجوية، وكان سيرحب بتنفيذ الضربة الجوية؛ بيد أن ماكنامارا أشار على كينيدي بأنه لا يضمن أن تستأصل تلك الضربات كل الصواريخ، وأعرب عن خشيته أنه في حال تبقي أي من تلك الصواريخ دون تدميرها، ربما يطلقها القادة على الفور ردا على الضربات الجوية، استنادا إلى مبدأ «استخدمه أو اخسره»، قبل أن توجه أمريكا ضربة ثانية.
كان ماكنامارا قد بنى أيضا قوة هائلة كانت على استعداد لغزو كوبا إذا أعطى كينيدي الإشارة. توقع محللو البنتاجون أن تتراوح الخسائر في الأرواح بين أربعين ألف أمريكي وخمسين ألف أمريكي.
كانت التحركات الدبلوماسية تقترب من بلوغ طريق مسدود؛ فقد أرسل خروتشوف رسالة شخصية في يوم الجمعة، مقترحا سحب الصواريخ مقابل وعد من الولايات المتحدة بألا تهاجم كوبا، وهو ما أحيا آمالا مؤقتة في إمكانية التوصل إلى تسوية. لكن جاءت في تلك الأثناء رسالة جديدة، أعدتها فيما يبدو إحدى اللجان، جعلت الشروط أكثر صرامة. كانت موسكو تصر آنذاك على أن واشنطن يجب أن تسحب صواريخ «جوبيتر» المنشورة في تركيا، أحد حلفاء الناتو. كان هذا شرطا غير مقبول؛ حيث كان يعني التخلي عن تركيا لحماية الولايات المتحدة، ومثل هذا الصنيع كان من شأنه أن يدمر التحالف داخل الناتو، الذي كان يعتمد على التزامات الدعم العسكري المتبادلة بين الدول الأعضاء.
أشار ماكجورج باندي، مستشار الأمن القومي، على كينيدي بتجاهل الرسالة الثانية والرد على الرسالة الأولى، منتقيا الشروط التي يراها أفضل. كانت تفوح من هذه الخطة الماكرة رائحة القنوط؛ الاستجابة إلى عرض لم يتقدم به خروتشوف. مع ذلك، كان الرد يمثل فرصة أخيرة للحل الدبلوماسي، من خلال تفادي رفض شروط موسكو في ذلك الوقت، الذي كان سيفضي إلى مضاعفة مخاطر الحرب.
अज्ञात पृष्ठ