اسْم، والأسماء لَا تزاد: فَأَما هُوَ وَأَخَوَاتهَا الَّتِي للفصل، فَإِنَّمَا زيدت لمضارعة الضَّمِير الْحَرْف، وَقد أَنْعَمت شرح هَذَا عِنْد الرَّد على أبي إِسْحَاق فِي قَوْله ﷿: ﴿مثل الْجنَّة﴾ .
وَنحن آخذون فِي تَبْيِين كل ومقدمون لَهَا على بعض لفضل الْأَعَمّ على الْأَخَص فَأَقُول:
إِن كلا لفظ وَاحِد، وَمَعْنَاهُ جَمِيع، وَلِهَذَا يحمل مرّة على اللَّفْظ، وَمرَّة على الْمَعْنى فَيُقَال: كلهم ذَاهِب، وَكلهمْ ذاهبون، وكل ذَلِك قد جَاءَ بِهِ الْقُرْآن وَالشعر، ويحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ فَيُقَال: كل ذَاهِب، وَهُوَ بَاقٍ على مَعْرفَته.
وَبَعض يجْرِي هَذَا المجرى، وإليها أَوْمَأ سِيبَوَيْهٍ حِين قَالَ: هَذَا بَاب مَا ينْتَصب خَبره لِأَنَّهُ قَبِيح أَن يكون صفة، وَهِي معرفَة لَا تُوصَف، وَلَا تكون وَصفا، وَذَلِكَ قَوْلك: مَرَرْت بِكُل قَائِما، وببعض جَالِسا، وَإِنَّمَا خروجهما من أَن يكون وَصفا أَو موصوفين لِأَنَّهُ لَا يحسن لَك أَن تَقول: مَرَرْت بِكُل الصَّالِحين، وَلَا بِبَعْض الصَّالِحين، قبح الْوَصْف حِين حذفوا مَا أضافوا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مُخَالف لما يُضَاف إِلَيْهِ شَاذ مِنْهُ فَلم يجر فِي الْوَصْف مجْرَاه.
كَمَا أَنهم حِين قَالُوا: يَا ألله، فخالفوا مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام لم يصلوا أَلفه وأثبتوها، وَصَارَ معرفَة لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى معرفَة، كَأَنَّك قلت: مَرَرْت بكلهم، وببعضهم.
وَلَكِنَّك حذفت ذَلِك الْمُضَاف إِلَيْهِ، فَجَاز ذَلِك، كَمَا جَازَ: لاه أَبوك [تُرِيدُ: لله أَبوك]، فحذفوا الْألف واللامين.
وَلَيْسَ هَذَا طَريقَة الْكَلَام، وَلَا سَبيله لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَامهم أَن يضمروا الْجَار.
وَجُمْلَة هَذَا وتحليله أَنَّك لَا تَقول: مَرَرْت بِكُل قَائِما، وَلَا بِبَعْض جَالِسا مبتدئا.
وَإِنَّمَا يتَكَلَّم بِهِ إِذا جرى ذكر قوم فَتَقول: مَرَرْت بِكُل، أَي مَرَرْت بكلهم.
ومررت بِبَعْض، أَي مَرَرْت ببعضهم، فيستغني بِمَا جرى من الْكَلَام وَمَعْرِفَة الْمُخَاطب بِمَا يعْنى عَن إِظْهَار الضَّمِير، وَصَارَ مَا يعرف الْمُخَاطب مِمَّا يعْنى بِهِ مغنيا عَن وَصفه، وَلم يُوصف بِهِ أَيْضا لأَنهم لما أقاموه مقَام الضَّمِير، وَالضَّمِير لَا يُوصف بِهِ إِذْ لم يكن تحلية، وَلَا فِيهِ معنى تحلية، وَلم يصفوا بِهِ
1 / 77