التَّعْرِيف. وَفِي صرف عمر فِي النكرَة فِي قَول جَمِيع النَّاس دلَالَة على أَن الْعدْل عَن التَّعْرِيف غير مُعْتَد بِهِ ثقلا وَإِذا لم يعْتد بِهِ ثقلا لم يجز أَيْضا أَن يعْتد بِالْعَدْلِ عَن التَّأْنِيث ثقلا. وَإِنَّمَا لم ينْصَرف عمر فِي التَّعْرِيف للعدل والتعريف، كَمَا لم ينْصَرف جمع لَهما، فَإِذا زَالَ التَّعْرِيف انْصَرف عمر، وَلم يعْتد بِالْعَدْلِ فِيهِ عَن التَّعْرِيف ثقلا، فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون المعدول عَن التَّأْنِيث لِأَن هَذَا إِنَّمَا هُوَ تَأْنِيث جمع، وَلَا يدل جريه على الْمُؤَنَّث إِذا كَانَ جمعا، على أَن واحده مؤنث. أَلا ترى أَنه قد جَاءَ فِي التَّنْزِيل: ﴿أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع﴾، فَجرى فِي هَذَا الْموضع على جمع واحده مُذَكّر، فَلَو جَازَ لقَائِل أَن يَقُول: إِن مثنى وبابه معدول عَن مؤنث لما جرى على النِّسَاء وإحداهن مؤنث لجَاز لآخر أَن يَقُول: إِنَّه مُذَكّر لِأَنَّهُ جرى صفة على الأجنحة وَاحِدهَا مُذَكّر، وَهَذَا هُوَ القَوْل وَالْوَجْه. وَإِنَّمَا جرى على النِّسَاء من حَيْثُ كَانَ تأنيثها تَأْنِيث الْجمع، وَهَذَا الضَّرْب من التَّأْنِيث لَيْسَ بحقيقي.
أَلا ترى أَنَّك تَقول: هِيَ الرِّجَال، كَمَا تَقول: هِيَ النِّسَاء، فَلَمَّا كَانَ تَأْنِيث النِّسَاء تَأْنِيث جمع، جرت عَلَيْهِ هَذِه الْأَسْمَاء، كَمَا جرت على غير النِّسَاء مِمَّا تأنيثه تَأْنِيث جمع لِأَن تَأْنِيث الْجمع لَيْسَ بحقيقي، وَإِنَّمَا هُوَ من أجل اللَّفْظ، فَهُوَ مثل الدَّار وَالنَّار، وَمَا أشبه ذَلِك. وَقد جرت هَذِه الْأَسْمَاء على الْمُذكر الْحَقِيقِيّ. قَالَ الشَّاعِر:
(أحم الله ذَلِك من لِقَاء ... أحاد أحاد فِي شهر حَلَال)
1 / 61