وَكَذَلِكَ لَا ثِنْتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت فَلذَلِك قَالَ: سَار خمس عشرَة، فجَاء بهَا على تَأْنِيث اللَّيَالِي، ثمَّ وكد بقوله: من بَين يَوْم وَلَيْلَة. وَمثله قَول النَّابِغَة:
(فطافت ثَلَاثًا بَين يَوْم وَلَيْلَة ...)
وَمعنى الْبَيْت أَنه يصف بقرة وحشية فقدت وَلَدهَا فطافت ثَلَاث لَيَال وأيامها تطلبه، وَلم تقدر أَن تنكر من الْحَال الَّتِي دفعت إِلَيْهَا أَكثر من أَن تضيف، وَمَعْنَاهُ: تشفق وتحذر. وتجأر: مَعْنَاهُ تصيح فِي طلبَهَا لَهُ.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: أعطَاهُ خَمْسَة عشر من بَين عبد وَجَارِيَة لَا يكون فِي هَذَا إِلَّا هَذَا لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يجوز لَهُ أَن يَقُول: خَمْسَة عشر عبدا، فَيعلم أَن ثمَّ من الْجَوَارِي بِعدَّتِهِمْ، وَلَا خمس عشرَة جَارِيَة، فَيعلم أَن ثمَّ من العبيد بعدتهن، فَلَا يكون هَذَا إِلَّا مختلطا يَقع عَلَيْهِم الِاسْم الَّذِي بَين بِهِ الْعدَد.
قَالَ أَبُو سعيد: بَين الْفرق بَين هَذَا وَبَين خمس عشرَة لَيْلَة لِأَن خمس عشرَة لَيْلَة يعلم أَن مَعهَا أَيَّامًا بعدتها، وَإِذا، فَإِذا قلت خمس عشرَة بَين يَوْم وَلَيْلَة، فَالْمُرَاد خمس عشرَة لَيْلَة، وَخَمْسَة عشر يَوْمًا. وَإِذا قلت: خَمْسَة عشر من بَين عبد وَجَارِيَة، فبعض الْخَمْسَة عشرَة عبيد، وَبَعضهَا جوَار فاختلط الْمُذكر والمؤنث، وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْأَيَّام، فَوَجَبَ التَّذْكِير.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد يجوز فِي الْقيَاس خَمْسَة عشر من بَين يَوْم وَلَيْلَة، وَلَيْسَ بِحَدّ كَلَام الْعَرَب.
قَالَ أَبُو سعيد: إِنَّمَا جَازَ ذَلِك لأَنا قد نقُول: ثَلَاثَة أَيَّام وَنحن نريدها مَعَ لياليها، كَمَا نقُول: ثَلَاث لَيَال، وَنحن نريدها مَعَ أَيَّامهَا. قَالَ الله تَعَالَى لزكريا ﵇: ﴿آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا رمزا﴾ . وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سويا﴾ . وَهِي قصَّة وَاحِدَة.
1 / 50