सिद्दीक की प्रतिभा
عبقرية الصديق
शैलियों
هنالك ولا ريب أعظم رجلين واجها حروب الردة بين عظماء المسلمين في ذلك الحين.
وما كان اثنان قط أقرب منهما في القصد، ولا كان اثنان قط أبعد منهما في الرأي بما أشارا أول الأمر في شأن أهل الردة.
ولا ينتهي العجب في موقفهما هذا عند فرط الاقتراب وفرط الابتعاد، ولكنه عجب عاجب من غير ناحية فيه، فإذا قدر لهما أن يتفقا مقصدا ويختلفا رأيا فقد كان المظنون أن يتجه عمر إلى جانب الشدة، وأن يتجه أبو بكر إلى جانب اللين، فجاء اختلافهما يومئذ على غير المظنون.
ومهما يكن من حق الدراسة التاريخية في هذا الموضوع فحق الدراسة النفسية يساويه إن لم يزد عليه، أو ربما كان حق الدراسة التاريخية مطلوبا لما ينتهي إليه من هذه العجيبة النفسية التي هي غاية العلم الذي نصبو إليه؛ إذ ليس للتاريخ ولا لغيره من العلوم غاية أشرف ولا أنفس من تعريف الإنسان بالإنسان.
كان عمر يقول لصاحبه: يا خليفة رسول الله؛ تألف الناس وارفق بهم! كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه؟!»
وكان أبو بكر يقول: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا لقاتلتهم على منعها» ... ويملكه الغضب فيصيح بصاحبه: «يا ابن الخطاب، رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك؟ أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام؟ إنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أوينقص وأنا حي؟»
فكيف اختلف الصاحبان هذا الاختلاف؟
أما أن يختلفا فلا عجب، وأما أن يتصارحا بالاختلاف فلا عجب فيه كذلك.
وإنما العجب - عند النظرة الأولى - أن يجيء منهما الاختلاف على هذا النحو الذي خالف المنظور كما خالف المعهود من طبائع الرجلين، وهذا الذي يستوقف النظر في طليعة ما يستوقف الأنظار من حروب الردة، ومن جميع ما أعقب وفاة النبي عليه السلام وقيام الخلافة الأولى.
अज्ञात पृष्ठ