इमाम अली की प्रतिभा
عبقرية الإمام علي
शैलियों
أما بعد مقتل عثمان، فأبعد الأمور عن التخيل أن يغلب علي معاوية في سوق المنافع الدنيوية؛ لأن معاوية قد أهب لها أهبته قبل عشرين سنة، وجمع لها أنصاره وكنز لها كنوزه في بلاد وادعة بين جند مطيع.
ولو توافرت لعلي مادة هذه السياسة، لما توافر له أعوانها والمساعدون عليها ... فليس أقل نفعا في هذا المضمار من أعوانه الذين ثاروا على سياسة المنافع، وباءوا من أجلها بدم خليفة، واجتمعوا على التمرد قاصدين أو غير قاصدين ... فلا يديرون أنفسهم إلى نهج كنهج معاوية ولو أرادوه.
وأغلب الظن أن عليا كان يخسر بهذه السياسة أولئك الذين أحبوه، ولا يربح بها أولئك الذين أبغضوه ...
فقد حببته آداب الخلافة إلى كل طبقة تكره استغلال الحكم، ولا مطمع لها فيه ... فكل بلاد خلت من عصبة المرشحين للحكم، فقد كانت من حزبه وشيعته بغير استثناء، فكان من حزبه شعب اليمن ومصر وفارس والعراق، ونشأت في اليمن - وقد عهد حكمه قديما - تلك الطائفة السبئية، التي غلت في حبه حتى ارتفعت به إلى مرتبة التقديس، وانتثرت في مصر وفارس بذور تلك الشيعة الفاطمية والإمامية، التي ظلت كامنة في تربتها حتى أخرجت شطأها بعد أجيال؛ وشذت الشام لأنها كانت في يد معاوية، وشذت أطراف من العراق أول الأمر؛ لأنها كانت في يد طلحة والزبير، ولم يشذ عن هذه القاعدة بلد من البلدان الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها ... فلولا أن سواد الناس لا يعملون بغير عصبة من القادة، وأن العصب من القادة كانوا كلما وجدوا في بقعة من البقاع وجد معهم النفع والاستغلال، لقد كانت محبة أولئك السواد أنفع له من عصب معاوية أجمعين ...
فأغلب الظن - كما أسلفنا - أن عليا كان يخسر هؤلاء باتباعه سياسة الدولة الدنيوية، ولا يكسب العصب التي ناصبته العداء، وأيقنت أنه حائل بينها وبين ما طمحت إليه من الصولة والثراء ...
وهذا على تقدير المقدرين أن عليا يؤاخذ لاجتنابه هذه السياسة، وأنه لو اتبعها لكانت أجدى عليه ...
وليست هي أجدى عليه لو اتبعها، ولا هو على اجتنابها بملوم ...
وتفضي بنا هذه التقديرات جميعا إلى نتيجة واضحة نلخصها في كلمات وجيزة، ونعتقد أنها أعدل الأقوال في وصف تلك السياسة، التي كثرت فيها مطارح النقد والدفاع ...
فسياسة علي لم تورطه في غلطات كان يسهل عليه اجتنابها باتباع سياسة أخرى ...
وهي كذلك لم تبلغه مآرب مستعصية، كان يعز عليه بلوغها في موضعه الذي وضع فيه، وعلى مجراه الذي جرى عليه ...
अज्ञात पृष्ठ