इमाम अली की प्रतिभा
عبقرية الإمام علي
शैलियों
نعم إن فارق السن قد تقارب بعد موت الفاروق، وبلغ الإمام الخامسة والأربعين، وسبقت له في المشورة سوابق مأثورات ... فأصبح الفارق بينه وبين من يكبرونه مزية تعين على العمل والجهد، وتنفي مظنة الضعف والتواكل، ولكن الذي كسبه بهذه المزية خسره بازدياد المطامع الدنيوية ويأس الرؤساء من الوفر والنعمة على يديه، واعتقاد الطامعين أنهم أقرب إلى بعض الأمل في لين عثمان، وتقدم سنه منهم إلى أمل من الآمال في شدة الإمام وعسر حسابه ...
وبقيت الجفوة بينه وبين قريش على حالها، لم يكفكف منها تقادم العهد كما قال ابن أبي الحديد ...
وعلى هذه الجفوة في القبيلة كلها، دخلت في الأمر دخلة البواعث الشخصية التي لا يسلم منها عمل من أعمال بني الإنسان في زمن من الأزمان ... فقد اجتمع رهط الشورى الذين ندبهم الفاروق لاختيار الخليفة من بعده، فتقدم بينهم عبد الرحمن بن عوف، فخلع نفسه من الأمر كله ليتاح له أن يستشير الناس باسمهم، ويعلن البيعة على عهدتهم، وقيل: إنه أنس مع الزبير وسعد بن أبي وقاص ميلا موقوتا إلى علي وانحرافا موقوتا عن عثمان، فسارع إلى المنبر وبايع عثمان وجاراه الحاضرون مخافة الفتنة والشقاق ...
وكان عبد الرحمن بن عوف صهرا لعثمان؛ لأنه زوج أخته لأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. •••
ويقضي الحق أن يقال في هذا المقام: إن بيعة عثمان قد تمت باتفاق بين المسلمين لم ينقضه خلاف معدود، فليست كلمة عبد الرحمن بن عوف هي التي خذلت عليا وقدمت عثمان عليه، إذ لو كانت هناك مغالبة شديدة بين حزبين متكافئين لما استقامت البيعة لعثمان بكلمة من عبد الرحمن بن عوف ... وهو واحد من خمسة أو ستة إذا أشركنا معهم عبد الله بن عمر بن الخطاب ...
ثم بويع الإمام بعد مقتل عثمان، فهل تحولت قريش عن جفوتها، أو نظرت إلى السياسة الهاشمية نظرة غير نظرتها؟ كلا ...
بل جاءت البيعة في المدينة، يوم خفت فيها صوت قريش، وهبطت سمعة حكامها، ويوم أصبحت البيعة ثورة على قريش، تنكر عليها الأثرة بالملك والأثرة بالغنائم والأمصار ... ويوم انقسم المجتمع الإسلامي قسميه، اللذين التبسا وتداخلا حينا حتى فصلتهما الحوادث فصلها الحاسم في خلافة عثمان: قسم يريد الرجعة إلى الخلافة والآداب النبوية، وقسم يريد المضي في الملك والدولة الدنيوية ...
فأي القسمين، كان قسم علي كائنا ما كان سعيه واجتهاده؟ ... وأية سياسة كانت تعينه على مشكلة الخلافة منذ بدايتها بعد وفاة النبي إلى ختامها الفاجع بعد مقتل عثمان؟
كل سياسة له لم تكن لتحيد به عن الخاتمة المحتومة أقل محيد.
وكل ما كان من تدبير الحوادث أو من تدبيره، فهو على هذا الملتقى الذي يتلاحق عنده الإسراع والإبطاء ...
अज्ञात पृष्ठ